وقرأ الجمهور : (مِثْقالَ) بالنصب خبر (كانَ) أي وإن كان الشيء أو وإن كان العمل وكذا في لقمان. وقرأ زيد بن عليّ وأبو جعفر وشيبة ونافع مثقال بالرفع على الفاعلية و (كانَ) تامة. وقرأ الجمهور (أَتَيْنا) من الإتيان أي جئنا بها ، وكذا قرأ أبي أعني جئنا وكأنه تفسير لأتينا. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن جبير وابن أبي إسحاق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن شريح الأصبهاني آتينا بمده على وزن فاعلنا من المواتاة وهي المجازاة والمكافأة ، فمعناه جازينا بها ولذلك تعدى بحرف جر ، ولو كان على أفعلنا من الإيتاء بالمد على ما توهمه بعضهم لتعدى مطلقا دون جاز قاله أبو الفضل الرّازي.
وقال الزمخشري : مفاعلة من الإتيان بمعنى المجازاة والمكافأة لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء انتهى. وقال ابن عطية على معنى : و (أَتَيْنا) من المواتاة ، ولو كان آتينا أعطينا لما تعدت بحرف جرّ ، ويوهن هذه القراءة أن بدل الواو المفتوحة همزة ليس بمعروف ، وإنما يعرف ذلك في المضمومة والمكسورة انتهى. وقرأ حميد : أثبنا بها من الثواب وأنث الضمير في (بِها) وهو عائد على مذكر وهو (مِثْقالَ) لإضافته إلى مؤنث (كَفى بِنا حاسِبِينَ) فيه توعد وهو إشارة إلى ضبط أعمالهم من الحساب وهو العدّ والإحصاء ، والمعنى أنه لا يغيب عنا شيء من أعمالهم. وقيل : هو كناية عن المجازاة ، والظاهر أن (حاسِبِينَ) تمييز لقبوله من ، ويجوز أن يكون حالا.
ولما ذكر ما أتى به رسوله صلىاللهعليهوسلم من الذكر وحال مشركي العرب معه ، وقال : (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) أتبعه بأنه عادة الله في أنبيائه فذكر ما آتى (مُوسى وَهارُونَ) إشارة إلى قصتهما مع قومهما مع ما أوتوا من الفرقان والضياء والذكر ، ثم نبه على ما آتى رسوله من الذكر المبارك ثم استفهم على سبيل الذكر على إنكارهم ثم نبه على ما آتى رسوله صلىاللهعليهوسلم. و (الْفُرْقانَ) التوراة وهو الضياء ، والذكر أي كتابا هو فرقان وضياء ، وذكر ويدل على هذا المعنى قراءة ابن عباس وعكرمة والضحاك ضياء وذكرا بغير واو في ضياء. وقالت فرقة : القرآن ما رزقه الله من نصره وظهور حجته وغير ذلك ، مما فرق بين أمره وأمر فرعون والضياء التوراة ، والذكر التذكرة والموعظة أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ومصالحهم أو الشرف والعطف بالواو يؤذن بالتغاير. وعن ابن عباس (الْفُرْقانَ) الفتح لقوله (يَوْمَ الْفُرْقانِ) (١) وعن الضحاك : فلق البحر. وعن محمد بن كعب : المخرج من الشبهات و (الَّذِينَ) صفة تابعة أو مقطوعة برفع أو نصب أو بدل.
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٤١.