جعفر وشيبه وابن محيصن والشافعي (تَتْرا) منونا وباقي السبعة بغير تنوين ، وانتصب على الحال أي متواترين واحدا بعد واحد ، وأضاف الرسل إليه تعالى وأضاف رسولا إلى ضمير الأمة المرسل إليها لأن الإضافة تكون بالملابسة ، والرسول يلابس المرسل والمرسل إليه ، فالأول كانت الإضافة لتشريف الرسل ، والثاني كانت الإضافة إلى الأمة حيث كذبته ولم ينجح فيهم إرساله إليهم فناسب الإضافة إليهم.
(فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) أي بعض القرون أو بعض الأمم بعضا في الإهلاك الناشئ عن التكذيب. و (أَحادِيثَ) جمع حديث وهو جمع شاذ ، وجمع أحدوثة وهو جمع قياسي. والظاهر أن المراد الثاني أي صاروا يتحدث بهم وبحالهم في الإهلاك على سبيل التعجب والاعتبار وضرب المثل بهم. وقال الأخفش : لا يقال هذا إلّا في الشر ولا يقال في الخير. وقيل : ويجوز أن يكون جمع حديث ، والمعنى أنه لم يبق منهم عين ولا أثر إلّا الحديث عنهم. وقال الزمخشري : الأحاديث تكون اسم جمع للحديث ومنه أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم انتهى. وأفاعيل ليس من أبنية اسم الجمع ، وإنما ذكره أصحابنا فيما شذ من الجموع كقطيع وأقاطيع ، وإذا كان عباديد قد حكموا عليه بأنه جمع تكسير وهو لم يلفظ له بواحد فأحرى (أَحادِيثَ) وقد لفظ له وهو حديث ، فالصحيح أنه جمع تكسير لا اسم جمع لما ذكرناه.
(بِآياتِنا) قال ابن عباس هي التسع وهي العصا ، واليد ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والبحر ، والسنون ، ونقص من الثمرات (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) قيل : هي العصا واليد ، وهما اللتان اقترن بهما التحدي ويدخل في عموم اللفظ سائر آياتهما كالبحر والمرسلات الست ، وأما غير ذلك مما جرى بعد الخروج من البحر فليست تلك لفرعون بل هي خاصة ببني إسرائيل. وقال الحسن : (بِآياتِنا) أي بديننا. (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) هو المعجز ، ويجوز أن يراد بالآيات نفس المعجزات ، وبسلطان مبين كيفية دلالتها لأنها وإن شاركت آيات الأنبياء فقد فارقتها في قوة دلالتها على قول موسى عليهالسلام. قيل : ويجوز أن يراد بالسلطان المبين العصا لأنها كانت أمّ آيات موسى وأولاها ، وقد تعلقت بها معجزات شتى من انقلابها حية وتلقفها ما أفكته السحرة ، وانفلاق البحر ، وانفجار العيون من الحجر بالضرب بها ، وكونها حارسا وشمعة وشجرة خضراء مثمرة ودلوا ورشاء ، جعلت كأنها ليست بعض الآيات لما استبدت به من الفضل فلذلك عطفت عليها كقوله