وقيل : الإشارة بذلك إلى قوله (مِنْ هذا) وكأنه قال لهم أعمال من دون الحق ، أو القرآن ونحوه. وقال الحسن ومجاهد : إنما أخبر بقوله (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) عما يستأنف من أعمالهم أي إنهم لهم أعمال من الفساد. وعن ابن عباس (أَعْمالٌ) سيئة دون الشرك. وقال الزمخشري (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) متجاوزة متخطئة لذلك أي لما وصف به المؤمنون هم لها معتادون وبها ضارون ولا يفطمون عنها حتى يأخذهم الله بالعذاب و (حَتَّى) هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام الجملة الشرطية انتهى. وقيل الضمير في قوله (بَلْ قُلُوبُهُمْ) يعود إلى المؤمنين المشفقين (فِي غَمْرَةٍ) من هذا وصف لهم بالحيرة كأنه قال وهم مع ذلك الخوف والوجل كالمتحيرين في أعمالهم أهي مقبولة أم مردودة (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) من دون ذلك أي من النوافل ووجوه البر سوى ما هم عليه ، ويريد بالأعمال الأول الفرائض ، وبالثاني النوافل.
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ) رجوع إلى وصف الكفار قاله أبو مسلم. قال أبو عبد الله الرازي : وهو أولى لأنه إذا أمكن رد الكلام إلى ما اتصل به كان أولى من رده إلى ما بعده خصوصا وقد رغب المرء في الخير بأن يذكر أن أعمالهم محفوظة كما يحذر بذلك من الشر ، وأن يوصف بشدة فكرة في أمر آخرته بأن قلبه في غمرة ، ويراد أنه قد استولى عليه الفكر في قبوله أو رده وفي أنه هل أداه كما يجب أو قصر فإن قيل : فما المراد بقوله (مِنْ هذا)؟ قلنا : إشارة إلى إشفاقهم ووجلهم بين استيلاء ذلك على قلوبهم انتهى. وتقدم قول الزمخشري في (حَتَّى) إنها التي يبتدأ بعدها الكلام ، وأنها غاية لما قبلها ، وقد ردّ ذلك أنهم معتادون لها حتى يأخذهم الله بالعذاب. وقال الحوفي (حَتَّى) غاية وهي عاطفة ، (إِذا) ظرف يضاف إلى ما بعده فيه معنى الشرط (إِذا) الثانية في موضع جواب الأولى ، ومعنى الكلام عامل في (إِذا) والتقدير جأروا ، فيكون جأروا العامل في (إِذا) الأولى ، والعامل في الثانية (أَخَذْنا) انتهى وهو كلام مخبط ليس أهلا أن يرد.
وقال ابن عطية و (حَتَّى) حرف ابتداء لا غير ، و (إِذا) الثانية التي هي جواب يمنعان من أن تكون حتى غاية لعاملون انتهى. وقال مكي : أي لكفار قريش أعمال من الشر دون أعمال أهل البر (لَها عامِلُونَ) إلى أن يأخذ الله أهل النعمة والبطر منهم (بِالْعَذابِ إِذا هُمْ) يضجون ويستغيثون ، والمترفون المنعمون والرؤساء. والعذاب القحط سبع سنين والجوع حين دعا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام