هذين بكم من تكلون أموركم إليه فيتوكل في صرف ذلك عنكم. و (أَمْ) في (أَمْ أَمِنْتُمْ) منقطعة تقدر ببل ، والهمزة أي بل (أَمِنْتُمْ) والضمير في (فِيهِ) عائد على البحر ، وانتصب تارة على الظرف أي وقتا غير الوقت الأول ، والباء في (بِما كَفَرْتُمْ) سببية وما مصدرية ، أي بسبب كفركم السابق منكم ، والوقت الأول الذي نجاكم فيه أو بسبب كفركم الذي هو دأبكم دائما. والضمير في (بِهِ) عائد على المصدر الدال عليه فنغرقكم ، إذ هو أقرب مذكور وهو نتيجة الإرسال. وقيل عائد على الإرسال. وقيل : عليهما فيكون كاسم الإشارة والمعنى بما وقع من الإرسال والإغراق. والتبيع قال ابن عباس : النصير ، وقال الفراء : طالب الثأر. وقال أبو عبيدة : المطالب. وقال الزجّاج : من يتبع بالإنكار ما نزل بكم ، ونظيره قوله تعالى (فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها) (١) وفي الحديث : «إذا اتّبع أحدكم على ملىء فليتبع». وقال الشماخ :
كما لاذ الغريم من التبيع
ويقال : فلان على فلان تبيع ، أي مسيطر بحقه مطالب به. وأنشد ابن عطية :
غدوا وغدت غزلانهم فكأنها |
|
ضوامن غرم لدهن تبيع |
أي مطالب بحقه. وقرأ ابن كثير وأبو عمر : ونخسف وأو نرسل وأن نعيدكم وفنرسل وفنغرقكم خمستها بالنون ، وباقي القراء بياء الغيبة ومجاهد وأبو جعفر فتغرقكم بناء الخطاب مسندا إلى الريح والحسن وأبو رجاء (فَيُغْرِقَكُمْ) بياء الغيبة وفتح الغين وشد الراء ، عدّاه بالتضعيف ، والمقري لأبي جعفر كذلك إلّا أنه بتاء الخطاب ، وحميد بالنون وإسكان الغين وإدغام القاف في الكاف ، ورويت عن أبي عمرو وابن محيصن. وقرأ الجمهور : (مِنَ الرِّيحِ) بالإفراد وأبو جعفر من الرياح جمعا.
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢) وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ
__________________
(١) سورة الشمس : ٩١ / ١٥.