لا تدعني إلا بيا عبدها |
|
لأنه أشرف أسمائي |
وقال العلماء : لو كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة.
وانتصب (لَيْلاً) على الظرف ، ومعلوم أن السّرى لا يكون في اللغة إلا بالليل ، ولكنه ذكر على سبيل التوكيد. وقيل : يعني في جوف الليل فلم يكن إدلاجا ولا ادّلاجا. وقال الزمخشري : أراد بقوله : (لَيْلاً) بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء ، وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة ، وذلك أن التنكير فيه قد دلّ على معنى البعضية ، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة من الليل أي بعض الليل كقوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) (١) على الأمر بالقيام في بعض الليل انتهى. والظاهر أن قوله : (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) هو المسجد المحيط بالكعبة بعينه ، وهو قول أنس. وقيل من الحجر. وقيل من بين زمزم والمقام. وقيل من شعب أبي طالب. وقيل من بيت أم هانىء. وقيل من سقف بيته عليهالسلام ، وعلى هذه الأقوال الثلاثة يكون أطلق المسجد الحرام على مكة. وقال قتادة ومقاتل : قبل الهجرة بعام. وقالت عائشة بعام ونصف في رجب. وقيل في سبع عشرة من ربيع الأول والرسول عليهالسلام ابن إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما. وعن ابن شهاب بعد المبعث بسبعة أعوام. وعن الحربي ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة ، والمتحقق أن ذلك كان بعد شق الصحيفة وقبل بيعة العقبة ، ووقع لشريك بن أبي نمر في الصحيح أن ذلك كان قبل أن يوحى إليه ، ولا خلاف بين المحدثين أن ذلك وهم من شريك. وحكى الزمخشري عن أنس والحسن أنه كان قبل المبعث.
وقال أبو بكر محمد بن عليّ بن القاسم الرعيني في تاريخه : أسري به من مكة إلى بيت المقدس وعرّج به إلى السماء قبل مبعثه بثمانية عشر شهرا ، ويروى أنه كان نائما في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء ، فأسري به ورجع من ليلته وقص القصة على أم هانىء وقال : «مثل لي النبيون فصليت بهم». وقام ليخرج إلى المسجد فتشبثت أم هانىء بثوبه فقال : «ما لك»؟ قالت : أخشى أن يكذبك قومك إن أخبرتهم ، قال : «وإن كذبوني» فخرج فجلس إليه أبو جهل فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحديث الإسراء. فقال أبو جهل : يا معشر بني كعب بن لؤي هلم فحدثهم فمن بين مصفق وواضع يده على رأسه تعجبا وإنكارا ، وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال إلى أبي بكر فقال : إن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا :
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٧٩.