الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر ، فالإنسان احتراز عن غيره كالملك وقيد الإخبار عن الله لإخراج غير المخبر عنه من الإنسان وقيد عدم وساطة البشر لإخراج الإمام والقائم لكونهما مخبرين عن الله تعالى بواسطة الرّسول أو الإمام. ولا يخفى ان المتبادر من الإخبار هو الإخبار المطابق للواقع فلا يتوهّم صدق التّعريف على المتنبّي.
واعلم انّ الرّسول عند بعضهم مساوق للنّبىّ ، والجمهور على أنّه أخصّ منه ويؤيّده قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) ، وقد دلّ الحديث على أنّ عدد الأنبياء أكثر من عدد الرّسول ، فاشترط بعضهم فى الرّسول الكتاب ، وبعضهم الشّرع الجديد.
واعترض على الأوّل بأنّ الرّسل ثلاثمائة وثلاثة عشر ، والكتب مائة وأربعة على ما تقرّر فى الشّرع. اللهم إلّا أن يكتفى بالمقارنة من غير اشتراط النّزول ، إذ يجوز تكرار النّزول كما فى الفاتحة. وعلى الثّاني بأنّ اسماعيل من الرّسل مع أنّه ليس له شرع جديد على ما صرّح به بعض المحقّقين.
وفيه أى فى الفصل الخامس خمسة مباحث :
الأوّل من تلك المباحث ، فى بيان نبوّة نبيّنا(ص) ويتفرّع عليه نبوّة ساير الأنبياء (ع) والمراد بضمير الجميع آخر الامم ، ومعنى الإضافة كونه (ص) مبعوثا لتبليغ الأحكام إليهم بواسطة أو بغير واسطة ، وإنّما آثر طريق الإضافة لكونها أخصر طريق إلى إحضاره فى ذهن السّامع ، وفيها من الدّلالة على تعظيم شأن المضاف إليه ما لا يخفى. محمّد بن عبد الله بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف (ص) ذكر النّسب لزيادة التّوضيح ، وإلّا فلا يتبادر الذهن من اسم محمّد هاهنا إلّا إلى المسمّى المقصود منه المتصور بوجوه كلية منحصرة فى ذلك الفرد ، مثل كونه خاتم النبيين ، وسيّد المرسلين ، والمبعوث إلى آخر الأمم ، وأفضل العرب والعجم. وهذا الاسم مشتقّا له من الحمد للمبالغة فى محموديّته ، كما يدلّ عليه باب التّفعيل للتّكثير ، كما انّ احمد مشتقّ له منه للمبالغة