تضرّه الموتة الثانية ، يريد به محمّدا صلىاللهعليهوآله ، والموتة الثانية مرّ ذكرها في مقدّمة هذا البحث.
والثالث قوله : واكتب إلى ملك كنيسة بئر غاموس ، وهي بلد في عرض تسعة وثلاثين درجة وعشرين دقيقة من الشمال وطول خمسة وأربعين درجة من الطول الجديد. قوله هذا ما يقول ذو السيف الحادّ : إنّي قد عرفت الخ إشارة إلى حسن اعتقادهم وعدم انحرافهم عن دينه في أوان الشبهات ، إلّا أنّ بعضهم كانوا يستعملون الرياضات والطلاسم مثل بلعم بن باعور فمنع عن ذلك ، وبعضهم النيقوذيمسيين ، وهي إضافة إلى نيقوذيمس وهو شماس دهري فمنعهم عليهالسلام عن اتباع شبهاته ، ونيقوذيمس هذا ليس بنيقوذيمس الذي ذكر في الفصل الثالث في الآية الاولى من يوحنا ، فإنّ ذلك من مقدّسي النصارى رحمهالله. ثمّ قال : إن تركت هذين الأمرين وسلكت في سبيل الرشاد الذي أمرتك بسلوكه ، وإلّا جئت وحاربتك بسيف فمي. قال بعض النصارى : إنّه يريد بسيف فمه سيف الله أبيه ، فعلى هذا التقرير يكون المراد به عليّا عليهالسلام ؛ لأنّه هو سيف الله الذي قاتل مشركي اليهود والنصارى.
ثمّ قال : من كانت له اذن سامعة الخ. حثّ على الإصغاء لأنّ هذا هو مقام البحث والنزاع لا تشتبهوا فيه لما مرّ فيما قبله. قوله : إنّي سأطعم المظفر من المن المكتوم ، يريد به محمّدا صلىاللهعليهوآله والمن المكتوم هو علم النبوّة ، والمن هو ما كان ينزل من الطل على الأشجار لبني إسرائيل في بريته فارو أعطيه حصاة بيضاء. اختلف النصارى في تأويلها فأكثرهم لم يبحث في الرؤيا ، والذي بحث في أوّلها قال : هذه كناية عن ما يتفضّل به عليهم من الثواب ؛ لأنّ اللذة لا يعرفها إلّا من ينالها ، وليس بشيء ؛ إذ تشبيه اللذّة بالحصاة أمر ما أبرده ، والحقّ ما ذهب إليه الإمامية في مقدّمة هذا البحث.
وقال بعض أهل التحقيق : هذه حصاة نزل بها آدم عليهالسلام وأعطاها عند وفاته شيثا ولم تزل تنتقل من يد إلى يد حتّى أتت إلى عيسى عليهالسلام ومنه إلى محمّد صلىاللهعليهوآله ، ولا شكّ أنّ محمّدا إمّا أن يكون دفعها إلى عليّ عليهالسلام أو سيدفعها إلى المهدي عليهالسلام ، لا سبيل إلى الثاني ؛ لأنّ علماءنا لم يعترفوا بالرجعة وإنّما هي من خصائص مذهب الإمامية ، فيكون قد فوّضها إلى عليّ عليهالسلام وهذا ممّا يؤيّد مذهبهم.
والرابع : قوله : واكتب إلى ملك كنيسة تاتير الخ. وهي بلد في عرض ثمان وثلاثين درجة وخمس وأربعين دقيقة من الشمال وطول خمس وأربعين درجة وعشرين دقيقة من الطول