والثبور؟ وما لي لا أرى فيكم حبيبي يوسف؟ قالوا : يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين ، وهذا قميصه قد أتيناك به. قال : ألقوه إلي ، فألقوه على وجهه فخرّ مغشيّا عليه ، فلمّا أفاق قال لهم : يا بنيّ ألستم تزعمون أنّ الذئب أكل حبيبي يوسف؟ قالوا : نعم ، قال : ما لي لا أشمّ ريح لحمه وما لي أراه صحيحا ، هبوا أنّ القميص انكشف من أسفله ، أرأيتم ما كان في منكبه وعنقه كيف خلص عنه الذئب من غير أن يخرقه؟ إنّ هذا الذئب مكذوب عليه ، وإنّ ابني لمظلوم ، بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، فتولّى عنهم ليلتهم تلك لا يكلّمهم وأقبل يرثي يوسف ويقول : حبيبي يوسف الذي كنت أؤثره على جميع أولادي فاختلس منّي ، حبيبي يوسف الذي كنت أرجوه من بين أولادي ، فاختلس منّي ، حبيبي يوسف الذي كنت أوسده يميني وأدثّره بشمالي ، فاختلس منّي ، حبيبي يوسف الذي كنت أؤمن به وحشتي وأصل به وحدتي ، فاختلس منّي ، حبيبي يوسف ، ليت شعري في أيّ الجبال طرحوك؟ أو في أيّ البحار أغرقوك؟ حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك (١).
وقال الصادق عليهالسلام : قال يعقوب عليهالسلام لملك الموت : الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرّقة؟
فقال : بل متفرّقة. فقال : هل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟ قال : لا. فعند ذلك قال لبنيه (٢) : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) (٣).
فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب الزمان حال يعقوب في معرفته بيوسف وغيبته ، وحال الجاهلين به وبغيبته والمعاندين في أمره حال اخوة يوسف الذين من جهلهم بأمر يوسف وغيبته قالوا لأبيهم يعقوب (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٤).
الخامس : غيبة موسى فقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآله : لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته وأهل بيته ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ حدّثهم شدّة تنالهم ، يقتل فيها الرجال وتشقّ فيها بطون الحبالى وتذبح الأطفال حتّى يظهر الحقّ من ولد لاوي بن يعقوب ، وهو رجل أسمر طويل ، ونعته لهم بنعته ، فتمسّكوا بذلك ، ووقعت الغيبة والشدّة على بني إسرائيل وهم منتظرون
__________________
(١) كمال الدين : ١٤١.
(٢) روضة الكافي : ٨ / ١٩٩.
(٣) يوسف : ٨٧.
(٤) يوسف : ٩٥.