عقيل : ما سال من حرّة بني سليم وحرّة ليلى فهو الغور حتى يقطعه البحر ، وما سال من ذات عرق مغربا فهو الحجاز إلى أن تقطعه تهامة ، وهو حجاز أسود حجز بين نجد وتهامة ، وما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق ، وقال الأصمعي : ما احتزمت به الحرار حرّة شوران وحرّة ليلى وحرّة واقم وحرّة النار وعامة منازل بني سليم إلى المدينة ، فذلك الشقّ كله حجاز ، وقال الأصمعي أيضا في كتاب جزيرة العرب : الحجاز اثنتا عشرة دارا : المدينة وخيبر وفدك وذو المروة ودار بليّ ودار أشجع ودار مزينة ودار جهينة ونفر من هوازن وجلّ سليم وجلّ هلال وظهر حرّة ليلى ، ومما يلي الشام شغب وبدا ، وقال الأصمعي في موضع آخر من كتابه : الحجاز من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام ، وإنما سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ، فمكة تهامية والمدينة حجازية والطائف حجازية ، وقال غيره : حدّ الحجاز من معدن النقرة إلى المدينة ، فنصف المدينة حجازيّ ونصفها تهاميّ ، وبطن نخل حجازي وبحذائه جبل يقال له الأسود نصفه حجازي ونصفه نجديّ ، وذكر ابن أبي شبّة أن المدينة حجازية ، وروي عن أبي المنذر هشام أنه قال : الحجاز ما بين جبلي طيّء إلى طريق العراق لمن يريد مكة ، سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ، وقيل : لأنه حجز بين الغور والشام وبين السراة ونجد ، وعن إبراهيم الحربي أن تبوك وفلسطين من الحجاز ، وذكر بعض أهل السير أنه لما تبلبلت الألسن ببابل وتفرّقت العرب إلى مواطنها سار طسم بن إرم في ولده وولد ولده يقفو آثار إخوته وقد احتووا على بلدانهم ، فنزل دونهم بالحجاز فسموها حجازا لأنها حجزتهم عن المسير في آثار القوم لطيبها في ذلك الزمان وكثرة خيرها ، وأحسن من هذه الأقوال جميعها وأبلغ وأتقن قول أبي المنذر هشام بن أبي النضر الكلبي ، قال في كتاب افتراق العرب وقد حدّد جزيرة العرب ثم قال : فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزولها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب في أشعارهم وأخبارهم : تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن ، وذلك أن جبل السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمّته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور ، وهو تهامة ، وهو هابط ، وبين نجد وهو ظاهر ، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكّ وكنانة وغيرها ، ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها ، وغار من أرضها الغور غور تهامة ، وتهامة تجمع ذلك كله ، وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليهما نجدا ، ونجد تجمع ذلك كله ، وصار الجبل نفسه ، وهو سراته ، وهو الحجاز وما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحاز إلى ناحية فيد والجبلين إلى المدينة ، ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا ، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا ، والحجاز يجمع ذلك كله ، وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض ، وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسائل أودية فيها ، والعروض يجمع ذلك كله ، وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها من البلاد إلى حضرموت والشّحر وعمان وما بينها اليمن ، وفيها التهايم والنجد ، واليمن تجمع ذلك كله.
قال أبو المنذر : فحدّثنى أبو مسكين محمد بن جعفر