ابن الوليد عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : إنّ الله تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل ، يعني السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، فإنه أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط ، وبين نجد وهو ظاهر ، ومبدؤه من اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة ، فكان منها حيض ويسوم ، وهما جبلان بنخلة ، ثم طلعت الجبال بعد منه فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة والأشعر والأجرد ، وأنشد للبيد :
مرّيّة حلّت بفيد وجاورت |
|
أرض الحجاز ، فأين منك مرامها؟ |
وقد أكثرت شعراء العرب من ذكر الحجاز واقتدى بهم المحدثون ، وسأورد منه قليلا من كثير من الحنين والتشوق ، قال بعض الأعراب :
تطاول ليلي بالعراق ، ولم يكن |
|
عليّ بأكناف الحجاز يطول |
فهل لي إلى أرض الحجاز ومن به |
|
بعاقبة ، قبل الفوات ، سبيل؟ |
إذا لم يكن بيني وبينك مرسل ، |
|
فريح الصّبا منّي إليك رسول |
وقال أعرابيّ آخر :
سرى البرق من أرض الحجاز فشاقني ، |
|
وكلّ حجازيّ له البرق شائق |
فوا كبدي مما ألاقي من الهوى ، |
|
إذا حنّ إلف أو تألّق بارق! |
وقال آخر :
كفى حزنا أني ببغداد نازل ، |
|
وقلبي بأكناف الحجاز رهين |
إذا عنّ ذكر للحجاز استفزّني ، |
|
إلى من بأكناف الحجاز ، حنين |
فو الله ما فارقتهم قاليا لهم ، |
|
ولكنّ ما يقضى فسوف يكون |
وقال الأشجع بن عمرو السّلمي :
بأكناف الحجاز هوى دفين ، |
|
يؤرّقني إذا هدت العيون |
أحنّ إلى الحجاز وساكنيه ، |
|
حنين الإلف فارقه القرين |
وأبكي حين ترقد كل عين ، |
|
بكاء بين زفرته أنين |
أمرّ على طبيب العيس نأي ، |
|
خلوج بالهوى الأدنى ، شطون؟ |
فإن بعد الهوى وبعدت عنه ، |
|
وفي بعد الهوى تبدو الشجون ، |
فأعذر من رأيت على بكاء ، |
|
غريب عن أحبته حزين |
يموت الصّبّ والكتمان عنه ، |
|
إذا حسن التذكّر والحنين |
الحجَائزُ : كأنه جمع حاجز ، وهو المانع ، بالزاي : من قلات العارض باليمامة.
حَجْبَةُ : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة ، وهاء : من قرى اليمن من بلاد سنحان.
الحِجْرُ : بالكسر ثم السكون ، وراء ، وهو في اللغة ما حجرت عليه أي منعته من أن يوصل إليه ، وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه ، والحجر العقل