فصاروا قطينا للفلاة بغربة |
|
رميما ، وصرنا في الديار قطينها |
فسوف يليهما بعدنا من يحلها ، |
|
ويسكن عرضا سهلها وحزونها |
ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها ، فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال : يا عبيد الشرك! قال : لا بل الرضا ، فقال : ما بعد الرضا إلا السخط ، فقال عبيد : عليك بتلك القرية فانزلها ، القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها ، فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له : عوّضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا ، فأعطاه ثلاثين بكرة ، فخرج ولحق بقومه ، وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلوا فنزلوا قرى اليمامة وأقبل زيد ابن يربوع عمّ عبيد حتى أتى عبيدا فقال : أنزلني معك حجرا ، فقام عبيد وقبض على ذكره وقال : والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا ، يعني أولاده ، فلم يسكنها إلا ولده ، وليس بها إلا عبيدي ، وقال لعمه : عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها ، فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر ، فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه : انطلقوا إلى باديتنا ، يريد عمه ، فيمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون ، فمن ثمّ سميت البادية ، وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة ، ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف ، ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك ، فهذا هو السبب في تسميتها حجرا ، وقد أكثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها ، فروي عن نفطويه قال : قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك :
قد كنت أكره حجرا أن ألمّ بها ، |
|
وأن أعيش بأرض ذات حيطان |
لا حبّذا العرف الأعلى وساكنه ، |
|
وما تضمّن من مال وعيدان |
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة |
|
حتى الصباح ، وعند الباب علجان |
لو لا مخافة ربي أن يعاقبني ، |
|
لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان |
وكان رجل من بني جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن ، وبلغ خبره الحجاج ، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه ، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط ، فقال له : ما حملك على ما صنعت؟ فقال : كلب الزمان وجراءة الجنان ، فأمر بحبسه فحبس ، فحنّ إلى بلاده وقال:
لقد صدع الفؤاد ، وقد شجاني |
|
بكاء حمامتين تجاوبان |
تجاوبتا بصوت أعجميّ |
|
على غصنين : من غرب وبان |
فأسبلت الدموع بلا احتشام ، |
|
ولم أك باللئيم ولا الجبان |
فقلت لصاحبيّ : دعا ملامي ، |
|
وكفّا اللوم عني واعذراني |
أليس الله يعلم أن قلبي |
|
يحبك أيها البرق اليماني؟ |
وأهوى أن أعيد إليك طرفي |
|
على عدواء من شغلي وشاني |
أليس الله يجمع أم عمرو |
|
وإيانا ، فذاك بنا تدان؟ |