بحولك وقوتك يا ذا الجلال والحول والقوة ؛ قال : وأكثرت الدعاء ووجهي على التراب رغبة ورهبة إلى الله تعالى وعلما أنه لا يأتي الخير إلا من عنده ولا يصرف السوء غيره ، فبينما أنا كذلك إذ تبادر إليّ الغلمان وغيرهم من الجند يبشرونني بالسلامة وأخذوا بعضدي ينهضونني من سجدتي ويقولون : انظر أيها الأمير ، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري وقصدت عسكر الترك تمطر عليهم بردا عظاما وإذا هم يموجون ، وقد نفرت دوابهم وتقلّعت خيامهم ، وما تقع بردة على واحد منهم إلا أوهنته أو قتلته ، فقال أصحابي : نحمل عليهم؟ فقلت : لا ، لأن عذاب الله أدهى وأمرّ ، ولم يفلت منهم إلا القليل ، وتركوا عسكرهم بجميع ما فيه وهربوا ، فلما كان من الغد جئنا إلى معسكرهم فوجدنا فيه من الغنائم ما لا يوصف ، فحملنا ذلك وحمدنا الله على السلامة وعلمنا أنه هو الذي سهل لنا ذلك وملكناه ؛ قلت : هذه أخبار سطرتها كما وجدتها ، والله أعلم بصحتها.
تَرْمُدُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم ، والدال مهملة : موضع في بلاد بني أسد أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حصين بن نضلة الأسدي ؛ وعن عمرو بن حزم قال : كتب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا كتاب من محمد رسول الله لحصين بن نضلة الأسدي أن له ترمد وكثيفة لا يحاقه فيهما أحد ؛ وكتب المغيرة : قال أبو بكر محمد بن موسى كذا رأيته مكتوبا في غير موضع وكذا قيده أبو الفضل بن ناصر وكان صحيح الضبط ، وقد رأيته أيضا في غير موضع ثرمداء ، أوله ثاء مثلثة والميم مفتوحة وبعد الدال المهملة ألف ممدودة ، وهو الصحيح عندي ، غير أني نقلت الكل كما وجدته وسمعته ، والتحقيق فيه في زماننا متعذر ؛ قلت أنا : وعندي أن ترمد غير ثرمداء لأن ثرمداء ماء لبني سعد بن زيد مناة ابن تميم بالستارين وآخر باليمامة ، وترمد ماء لبني أسد.
تِرْمِذُ : قال أبو سعد : الناس مختلفون في كيفية هذه النسبة ، بعضهم يقول بفتح التاء وبعضهم يقول بضمها وبعضهم يقول بكسرها ، والمتداول على لسان أهل تلك المدينة بفتح التاء وكسر الميم ، والذي كنا نعرفه فيه قديما بكسر التاء والميم جميعا ، والذي يقوله المتأنقون وأهل المعرفة بضم التاء والميم ، وكلّ واحد يقول معنى لما يدعيه. وترمذ : مدينة مشهورة من أمهات المدن ، راكبة على نهر جيحون من جانبه الشرقي ، متصلة العمل بالصغانيان ، ولها قهندز وربض ، يحيط بها سور ، وأسواقها مفروشة بالآجر ، ولهم شرب يجري من الصغانيان لأن جيحون يستقلّ عن شرب قراهم ؛ وقال نهّار بن توسعة يذمّ قتيبة بن مسلم الباهلي ويرثي يزيد بن المهلّب :
كانت خراسان أرضا ، إذ يزيد بها ، |
|
وكلّ باب من الخيرات مفتوح |
فاستبدلت قتبا جعدا أنامله ، |
|
كأنما وجهه بالخلّ منضوح |
هبّت شمالا خريقا أسقطت ورقا ، |
|
واصفرّ بالقاع بعد الخضرة الشيح |
فارحل ، هديت ، ولا تجعل غنيمتنا |
|
ثلجا تصفّقه بالترمذ الريح |
إن الشتاء عدوّ لا نقابله |
|
فارحل ، هديت ، وثوب الدّفء مطروح |
وتروى الثلاثة أبيات الأخيرة لمالك بن الرّيب في