يقال إن على بابه رجلا أعور إذا أراد إنسان أن يتعلم السحر مضى إلى ذلك الكهف وخاطب ذلك الأعور في ذلك فيقول : إنه لا يمكن ذلك حتى تكفر بمحمد ، فإذا كفر أدخله الغار ، وفي الغار جماعة ، وفي صدر الغار كرسي عليه شيخ ، فيقول الشيخ : أي طريقة تحب من السحر؟ ولا يعلمه إلا طريقة واحدة ولا يجاوزه إلى غيرها ، ذكر ذلك عثمان البلطي النحوي نزيل مصر وقال : حدثني به حسين اليمني وأسعد بن سالم اليمني ، قال المؤلف : وقد حدثني القاضي المفضّل ابن أبي الحجاج العارض بمصر قال : حدثني أحمد بن يحيى بن الورد باليمن لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ٦١٣ وكان يلي حصن منيف ذيحان من أعمال الدّملوة على جبل يسمّى قورشق يقال له حود قوّر ليس غوره ببعيد ، طوله مقدار خمسة أرماح وعرضه قليل ، وقد بنيت فيه دكّة ، فمن أراد أن يتعلم شيئا من السحر عمد إلى ماعز أسود وليس فيه شعرة بيضاء فذبحه وسلخه وقسمه سبعة أجزاء ينزلها إلى الغار ثم يأخذ الكرش فيشقّها ويطّلي بما فيها ويلبس جلد الماعز مقلوبا ويدخل الغار ليلا ، ومن شرطه أن لا يكون له أب ولا أمّ حيّين ، فإذا دخل الغار لم ير أحدا فينام ، فإذا أصبح ووجد بدنه نقيّا مما كان عليه مغسولا دلّ على القبول ، ويضمر عند دخوله مهما أراد ، وإن أصبح بحاله دلّ على أنه لم يقبل ، وإذا خرج من الغار بعد القبول لم يحدّث أحدا من الناس ثلاثة أيام بل يبقى صامتا ساكتا تلك المدة ثم يصير ساحرا ، قال : وحدثني أنه استدعى رجلا من المعافر من أهل وادي أديم يعرف بسليمان ابن يحيى الأحدوثي وله شهرة في السحر واستحلفه على أن يصدقه عن حديث السحر ، فحلف له يمينا مغلّظة أنهم لا يقدرون على نقل الماء من بئر إلى بئر ولا على نقل اللبن من ضرع إلى ضرع ولا على نقل صورة الإنسان إلى غيرها بل يقدرون على تفريق السحاب وعلى المحبة وتأليف القلوب وعلى البغضاء وعلى إيلام أعضاء الناس مثل الصّداع والرّمد وإيجاع القلب.
حَوْرانُ : بالفتح ، يجوز أن يكون من حار يحور حررا ، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النّقصان بعد الزيادة ، وحوران : كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة ، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار ، وما زالت منازل العرب ، وذكرها في أشعارهم كثير ، وقصبتها بصرى ، قال امرؤ القيس :
ولما بدت حوران والآل دونها ، |
|
نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا |
وقال جرير :
هبّت شمالا ، فذكرى ما ذكرتكم |
|
عند الصفاة التي شرقيّ حورانا |
هل يرجعنّ ، وليس الدهر مرتجعا ، |
|
عيش بها طال ما احلولى وما لانا؟ |
وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قد ولّى علقمة بن علاثة حوران ، فقصده الحطيئة الشاعر فوصل إليه وقد انصرفوا عن قبره ، فقال عند ذلك
لعمري! لنعم المرء من آل جعفر |
|
بحوران أمسى أقصدته الحبائل! |
لقد أقصدت جودا ومجدا وسؤددا |
|
وحلما أصيلا ، خالفته المجاهل |
وما كان بيني ، لو لقيتك سالما ، |
|
وبين الغنى إلّا ليال قلائل |
فإن تحي لم أملل حياتي ، وإن تمت |
|
فما في حياتي بعد موتك طائل |