من قومهم والحيقان بن الحيوة بن عمير بن قنص بن معدّ بن عدنان في قنص كلها ، ثم لحق به غطفان بن عمرو بن طمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى ابن دعمي بن إياد فاجتمعوا بالبحرين وتحالفوا على التّنوخ ، وهو المقام ، وتعاقدوا على التناصر والتوازر فصاروا يدا على الناس وضمهم اسم التّنوخ ، وكانوا بذلك الاسم كأنهم عمارة من العمائر وقبيلة من القبائل ، قال : ودعا مالك بن زهير بن عمرو بن فهم جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد إلى التنوخ معه وزوّجه أخته لميس بنت زهير ، فتنّخ جذيمة بن مالك وجماعة من كان بها من الأزد فصارت كلمتهم واحدة ، وكان من اجتماع القبائل بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملّكهم الإسكندر وفرق البلدان عند قتله دارا إلى أن ظهر أردشير على ملوك الطوائف وهزّمهم ودان له الناس وضبط الملك ، فتطلّعت أنفس من كان في البحرين من العرب إلى ريف العراق وطمعوا في غلبة الأعاجم مما يلي بلاد العرب ومشاركتهم فيه واغتنموا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف ، فأجمع رؤساؤهم على المسير إلى العراق ووطّن جماعة ممن كان معهم أنفسهم على ذلك ، فكان أول من طلع منهم على العجم حيقان في جماعة من قومه وأخلاط من الناس فوجدوا الأرمنيّين الذين بناحية الموصل وما يليهما يقاتلون الأردوانيّين ، وهم ملوك الطوائف ، وهم ما بين نفر ، قرية من سواد العراق ، إلى الأبلّة وأطراف البادية ، فاجتمعوا عليهم ودفعوهم عن بلادهم إلى سواد العراق فصاروا بعد أشلاء في عرب الأنبار وعرب الحيرة ، فهم أشلاء قنص بن معدّ ، منهم كان عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث ابن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم ، ومن ولده النّعمان بن المنذر ، ثم قدمت قبائل تنوخ على الأردوانيين فأنزلوهم الحيرة التي كان قد بناها بخت نصر والأنبار ، وأقاموا يدينون للعجم إلى أن قدمها تبّع أبو كرب فخلّف بها من لم تكن له نهضة ، فانضموا إلى الحيرة واختلطوا بهم ، وفي ذلك يقول كعب بن جعيل :
وغزانا تبّع من حمير ، |
|
نازل الحيرة من أرض عدن |
فصار في الحيرة من جميع القبائل من مذحج وحمير وطيّء وكلب وتميم ، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة إلى طفّ الفرات وغربيه إلا أنهم كانوا بادية يسكنون المظالّ وخيم الشعر ولا ينزلون بيوت المدر ، وكانت منازلهم فيما بين الأنبار والحيرة ، فكانوا يسمّون عرب الضاحية ، فكان أول من ملك منهم في زمن ملوك الطوائف مالك بن فهم أبو جذيمة الأبرش ، وكان منزله مما يلي الأنبار ، ثم مات فملك ابنه جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم ، وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأيا وأبعدهم مغارا وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما ، وهو أول من اجتمع له الملك بأرض العرب وغزا بالجيوش ، وكان به برص وكانت العرب لا تنسبه إليه إعظاما له وإجلالا فكانوا يقولون جذيمة الوضّاح وجذيمة الأبرش ، وكانت دار مملكته الحيرة والأنبار وبقّة وهيت وعين التمر وأطراف البر إلى الغمير إلى القطقطانة وما وراء ذلك ، تجبى إليه من هذه الأعمال الأموال وتفد عليه الوفود ، وهو صاحب الزّبّاء وقصير ، والقصة طويلة ليس ههنا موضعها ، إلا أنه لما هلك صار ملكه إلى ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر اللخمي ، وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا