الصحيح أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «من كان معه هدي ، فليهلّ بحج وعمرة» وقوله أيضا : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» وروى الدارقطني والحاكم من حديث زيد بن ثابت عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الحج والعمرة فريضتان ، لا يضرك بأيهما بدأت».
وذهب المالكية والحنفية : إلى أن العمرة سنة ، لأن كل الآيات التي فرض فيها الحج ، جاءت مجردة عن ذكر العمرة : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران ٣ / ٩٧] (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ ..) [الحج ٢٢ / ٢٧] ، ولأن أحاديث أركان الإسلام لم يذكر فيها العمرة ، ولقولهصلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخرجه الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجه وعبد بن حميد عن أبي صالح الحنفي ـ «الحج جهاد ، والعمرة تطوع» وأخرج الترمذي وصححه عن جابر : أن رجلا سأل رسول الله عن العمرة ، أواجبة هي؟ قال : لا ، وأن تعتمروا خير لكم» ، وتأولوا أحاديث فريضة العمرة بأنها بعد الشروع فيها ، وهي واجبة حينئذ بلا خلاف. والظاهر هو الرأي الأول ، لأن هذه الآية (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) دليل على وجوب العمرة ، لأنه تعالى أمر بإتمامها ، كما أمر بإتمام الحج.
٤ ـ الإحصار : إن منعتم وأنتم محرمون من إتمام النسك بسبب عدو أو مرض أو نحوهما ، وجب عليكم إن أردتم التحلل أن تذبحوا ما تيسر من الهدي : وهو ناقة (بدنة) أو بقرة أو شاة ، فإن لم يجدها المحصر قوّم الحيوان ، واشترى بقيمته طعاما ، وتصدق به ، فإن لم يجد ، صام عن كل مدّ من الطعام يوما. والإحصار يكون عن الحج ، وعن العمرة ، لأن المنع قد يحصل منهما على سواء.
واختلف الفقهاء في أسباب الإحصار : فذهب الحنفية : إلى أنه يشمل كل حالات المنع من دخول مكة بعد الإحرام ، بمرض أو عدو ، أو سجن أو غيره ،