لأن الله تعالى علّق الحكم على مطلق الإحصار : وهو الحبس ، وهو عام ، يتناول الكل.
وذهب الشافعية والمالكية : إلى أن معنى الإحصار : المنع بالعدو ، أخذا بما روي عن ابن عباس وابن عمر ، ولأن الحصر هو المنع ، والمنع لا بد له من مانع قادر على المنع ، وذلك يتصور في العدو لا في المرض ، ولأن الأمن في قوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) إنما يستعمل في الخوف من العدو ، لا في المرض. وأما من أحصره المرض فلا يحلّه إلا الطواف بالبيت ، وإن أقام سنين ، حتى يفيق.
والظاهر هو الرأي الأول ، لأن الأمن عام ليس مقصورا على الأمن من العدو ، ولأن المانع هو كل حاجز عن الشيء ، والمرض حاجز عن متابعة السير وإتمام الأعمال المطلوبة في المناسك ، وتخصيص بعض أفراد العام بحكم في آية : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) لا يخصص العام المفهوم في آية : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ).
وأما اشتراط المحرم : بأن يقول : لبيك اللهم لبيك ، ومحلّي حيث حبستني من الأرض ، فلا ينفعه عند الجمهور ، وعليه دم. وأجاز أحمد وأبو ثور وإسحاق بن راهويه الاشتراط ، ولا دم ولا هدي عليه ، لأن النّبي صلىاللهعليهوسلم أذن بذلك لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، فيما رواه أبو داود والدار قطني وغيرهما.
٤ ـ حلق الرأس أو التقصير : يعبر عن الدخول بالحج أو العمرة بالإحرام ، وذلك بالنية من الميقات ، وتجرد الرجال من لبس المخيط والحذاء ، ولبس النعل ، والامتناع عن الطيب والنساء والصيد البري ونحوها ، ويكون الخروج من الإحرام بما يسمى بالتحلل : وهو حلق الرأس أو التقصير ، وقد نهى الله تعالى عن الحلق قبل بلوغ الهدي مكان ذبحه ، وهو مكان الإحصار في رأي مالك والشافعي ، عملا بفعل النّبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه في عام الحديبية ، وفي الحرم المكي في رأي الحنفية ، لقوله تعالى في جزاء الصيد : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة ٥ / ٩٥]