ثم نسخ ذلك بعد في سورة النساء ، فجعل لها فريضة معلومة : الثّمن إن كان له ولد ، والرّبع إن لم يكن له ولد ، وعدّتها : أربعة أشهر وعشرا ، فقال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ، وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ..) الآية ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الحول.
٢ ـ قول مجاهد وأبي مسلم الأصفهاني من قدماء المفسّرين : هذه الآية ثابتة الحكم ، لم ينسخ منها شيء. ورجح الرازي في تفسيره هذا القول.
أما مجاهد : فروى عنه ابن جرير أنه يقول : نزل في عدّة المتوفى عنها زوجها آيتان : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) وقد تقدمت ، وهذه الآية ، أما الآية الأولى : فكانت هذه للمعتدة تعتدّ عند أهل زوجها واجبا ذلك ، فأنزل الله هذه الآية : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ..) إلى قوله : (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، قال : جعل الله تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة ، وصية : إن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله تعالى ذكره : (غَيْرَ إِخْراجٍ ، فَإِنْ خَرَجْنَ ، فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) والعدّة كما هي.
أي أنه يجب حمل الآيتين على حالتين : فإن اختارت الإقامة في دار زوجها المتوفى ، والنفقة من ماله ، فعدّتها سنة ، وإلا فعدّتها أربعة أشهر وعشر ، فيكون للعدّة على قوله أجل محتم وهو الأقل ، وأجل مخيّر فيه ، وهو الأكثر.
وأمّا أبو مسلم : فيقول : إن معنى الآية : من يتوفون منكم ، ويذرون أزواجا ، وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكنى الحول ، فإن خرجن قبل ذلك ، وخالفن وصية الأزواج ، بعد أن يقمن المدّة التي ضربها الله تعالى لهنّ ، فلا حرج فيما فعلن في أنفسهن من معروف أي نكاح صحيح ، لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة ، قال : والسبب أنهم كانوا في زمان الجاهلية يوصون