لا يتنافى مع الشرع ، إذ لا ولاية لكم عليهن ، والله عزيز لا يغالب ويعاقب من خالفه ، حكيم في كل أمر يراعي مصالح عباده.
ثمّ بيّن تعالى حكم متعة المطلّقات عموما ، فذكر أنه شرعت المتعة (وهي ما يتّفق عليه الزوجان أو يقدرها القاضي) لكل مطلّقة مدخول بها أو غير مدخول بها ، وهذا حقّ على المتّقين الذين يخافون الله ويرهبون عقابه ، ومثل ذلك البيان السابق لحقوق الأزواج يبيّن الله لكم سائر الأحكام بآياته المحكمة مع توضيح فائدتها ، لتدفعنا إلى الخير في الدنيا والآخرة ، ولنتدبر الأشياء ونتعقل ما فيها من الحكمة والموعظة الحسنة والمصلحة الحقيقية.
وهل الأمر بالمتعة على سبيل الوجوب أو الندب؟
بيّنا سابقا آراء الفقهاء ، وموجزها أن الأمر بالمتعة هنا مستحب عند الجمهور ، واجب عند الشافعية ، وهو رأي ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير والحسن البصري وآخرين من التابعين ، أما المالكية فقالوا : إن المتعة مستحبة لكل مطلقة ، ما عدا المطلقة قبل الدخول التي سمي لها مهر ، وقال الشافعية : المتعة واجبة لكل مطلقة قبل الدخول أو بعده ، إلا المطلقة قبل الدخول المسمى لها المهر ، وقال الحنفية والحنابلة برأي متوسط : المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول التي لم يسمّ لها مهر ، مستحبة لغيرها من المطلقات. ولا متعة للمتوفى عنها زوجها لورود النص في المطلقات.
والراجح لدي ما ذهب إليه الشافعية وموافقوهم ، لأن هذه الآية أثبتت المتعة لكل مطلقة ، سواء أكانت مدخولا بها أم لم تكن مدخولا بها ، فيكون تعالى قد ذكر أولا المتعة ، وأثبتها أو أوجبها لمن طلقت قبل الدخول (المسيس) وعمّ هنا المتعة لكل مطلّقة ، فهو تعميم بعد تخصيص. وروى ابن جرير عن ابن زيد قال : لما نزل قوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً