في كتابه. والوجه الآخر : أن ينزل عليه وحيا على لسان جبريل بتحريم شيء أو تحليله أو افتراضه فيسميه حكمة ولا يسميه قرآنا ، وكلاهما من عند الله كما قال الله : (وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (١). وقال : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) (٢). فتأولت العلماء أن الحكمة هاهنا هي السنة (٣) ، لأنه قد ذكر الكتاب ثم قال والحكمة ففصل بينهما بالواو فدل ذلك على أن الحكمة غير الكتاب وهي ما سن الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم مما لم يذكر في كتاب. لان التاویل ان لم یکن کذلک فیکون کانه قال : (وأَنزَلَ الله عَلیکَ الکتاب) وهذا يبعد ، فيقال لمن قال بقول أبي ثور ما أنكرت أن يحول النبي صلى الله عليه[وآله]وسلم عما فرض عليه عمله بالكتاب فيأمره أن يعمل بغير ذلك بوحي يوحيه إليه على لسان جبريل من غير أن ينزل عليه في ذلك قرآنا ولكن ينزل عليه حكمة يسميها سنة (٤) ، وهذا مالا ينكره إلاّ ضعيف الرأي (٥).
__________________
(١) النساء : ١١٣.
(٢) البقرة : ٢٣١.
(٣) مفتاح الجنة١ : ١١ : (قال تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) إلى قوله : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) آل عمران : ١٦٤. قال الشافعي : سمعت من أرضي من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم ثم أخرج بأسانيده عن الحسن وقتادة ويحيى بن أبي كثير أنهم قالوا : الحكة في هذه الآية السنة).
(٤) وروايات الشيعة تسميها تنزيلا ، ولا مشاحة في الاصطلاحات.
(٥) السنة للمروزي١ : ١١٠ المسألة ٤٠١.