وهذه اللفظ أيضا لا دلالة فيه على أنه أراد به أنه من القرآن ، لأن فيما أنزل الله تعالى قرآنا وغير قرآن ، قال الله تعالى في وصف الرسول عليه السلام : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى).
وروي في بعض ألفاظ هذا الحديث أنه قال : إن مما أنزل الله أية الرجم. وهذا اللفظ لو ثبت لم يدل أيضا على أن مراده أنه كان من القرآن؛ لأن ما يطلق عليه اسم الآية لا يختص بالقرآن دون غيره ، قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). ثم قال تعالى : (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ). فسمى الدلالة القائمة مما خلق على توحيده آية فليس يمتنع أن يذكر (آية) الرجم وهو يعني أن ما يوجب الرجم أنزله الله على رسوله عليه السلام بوحي من عنده (١).
قال الإمام ابن قتيبة : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم يعلم من حكم الله تعالى إلاّ ما علمه الله عزّ وجل ، ولا كان الله تبارك وتعالى يعرفه ذلك جملة ، بل ينزله شيئا بعد شيء ، ويأتيه جبريل عليه السلام بالسنن كما كان يأتيه بالقرآن ، ولذلك قال : أوتيت الكتاب ومثله معه يعنى من السنن (٣).
وقال أيضا : إن جاز أ، ينسخ الكتاب بالكتاب جاز أن ينسخ الكتاب بالسنة ، لأن السنة يأ تيه بها جبريل عليه السلام عن الله تبارك وتعالى ، فيكون المنسوخ من كلام الله تعالى الذي هو قرآن بناسخ من وحي الله عزّ وجلّ الذي
__________________
(١) الفصول في الأصول٢ : ٢٥٨.
(٢) تأويل مختلف الحديث١ : ١٦٦.