عليه بقوله (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) (١). وأظهره الأحاديث القدسية. ومن لم يفقه هذه التفرقة من العلماء وقعت له مأوهام في بعض الأحاديث رواية ودراية ، وزعموا أنها كانت قرآناً ونسخت (٢).
وقال أحد علمائهم حال تعرضه لرواياتهم التي فيها ادعاء أبي بن كعب قرآنية هذه الآية مع الجملة الزائدة (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (٣) :
إن الذي ذكره أبي قد كان من الوحي الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم مما سوى القرآن الذي هو المتلو في الصلوات ، وذلك بمنزلة السنن التي أوحيت إليه خارج القرآن (٤). قال الله عزّ وجلّ (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (٥) فأخبر عن بيانه بعد ما يقرأه جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه[وآله]وسلم وقال تعالى (وَاذْكُرْنَ مَا
__________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) تفسير المنار١ : ٤١٤ ـ ٤١٥. ط دار المعرفة.
(٣) الفتح : ٢٦.
(٤) هذا يؤيد ما ذكرنا من أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم (وإني أوتيت القرآن ومثله معه) بمعني التفسير النازل الذي هو جزء السنة.
(٥) القيامة : ١٨ ـ ١٩.