وسالم بن سالمة ما يلي:
اقول : يرد على هذا كله اشكال ، وهو أنه علي ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ، إذ على هذا يحتمل كل آية منه ان تكون محرفة ومغيرة ، ويكون على خلاف ما أنزله الله ، فلم يبق في القرآن لنا حجة اصلا، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية به ، وأيضا قال الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزيز) (١). وأيضا قال الله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (٢). وايضا قد استفاض عن النبي والأئمة حديث عرض الخبر المروي عنهم على كتاب الله.
ثم قال : ويخطر بالبال في دفع هذا الاشكال ـ العلم عند الله ـ أن مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعني دون اللفظ ، أي : حرفوه وغيروه في تفسيره وتأويله ، أي : حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الامر ، فمعني قولهم ، كذا أنزلت ، أن المراد به ذلك لا ما يفهم الناس من ظاهره ، وليس مرادهم أنها نزلت كذلك في اللفظ ، فحذف ذلك إخفاء للحق ، وإطفاء لنور الله ومما يدل علي هذا ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي جعفر أنه كتب في رسالته إلي سعد الخير : وكان نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده. (٣)
__________________
(١) فصلت : ٤١.
(٢) الحجر : ٩.
(٣) علم اليقين ١ : ٥٦٢ وما بعدها.