وهذا الأصل المنحرف والمستند المائل يتعارض مع صريح الآيات التي تحظر على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم التصرف في ألفاظ الآيات الكريمة وتغييرها من تلقاء نفسه ، وتوجب عليه اتباع ما يوحى إليه بلا زيادة ولا نقصان ولا تبديل ، وإلا لا ستوجب العذاب الأليم جزاء للكذب على الله عزوجل ـ والعياذ بالله ـ ونسبة ما ليس منه إليه ، قال تعالى :
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظيمٍ قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (١).
فهذه الآية تناقض ذلك الأصل الذي يجوز افتراء الكذب على الله عز وجل فيدعي كل قارئ قرآنية كل ما يحلو له ، فيصبح ويقول إن هذه الآية قالها الله عزوجل هكذا ، ويمسي ويقول قالها بشكل آخر وهكذا ، فيغير ألفاظ القرآن ويبدلها بدعوى أن هذا التبديل إنما هو من تلك الأحرف ، وكله كذب على الله وافتراء فإن قول فلان ليس هو قول الله ، ثم ما يدريه أن هذا هو قول الله عزوجل بعينه؟!
ثم ما ينفعل بمثل الآيات التي يستفاد منها عدم تغيير آيات الله وتبديل كلماته بغيرها كقوله تعالى :(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ
__________________
(١) یونس : ١٧ـ١٥