عليك أما بعد فإن الله أنزل القرآن فجعله قرآنا عربيا مبينا وأنزله بلغة هذا الحي من قريش ، فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرؤهم بلغة هذيل. (١)
وها قد اعترض عمر على قراءة ابن مسعود وهي على حرف مختلف عن حرفه ، فلو كان لتلك الأحرف أصل شرعي لما جاز لعمر الاعتراض على قراءة ابن أم عبد الغضة ، لأن ابن مسعود كان سيرد عليه بجواز القراءة علي سبعة أحرف ، فكيف يصح الاعتراض من عمر على ما جوزه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! (٢)
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٨ ، كنز العمال ٢ : ٥٩٣ ، ح ٤٨١٣.
(٢) والحق إن ابن مسعود كان يغير عمليا مفردات الآيات ويجتهد فيها ، وقد نقل عنه ذلك في كثير من الموارد التي سنذكرها إن شاءالله تعالى ، ولعله يتضح بنقل هذه الرواية ونحيل البقية لمقامه ففي الدر المنثور ٦ : ٣٢ (وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري وابن المنذر عن عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثيمِ) (الدخان : ٤٣ ـ ٤٤) فقال الرجل (طعام اليتيم) فرددها عليه فلم يستقم بها لسانه ، فقال : أتستطيع أن تقول (طعام الفاجر)؟ قال : نعم ، قال : فافعل) ، إر أن الرواية معارضة فيي أغلب تفاصيلها بروايتين أخرين ترويان نفس الحادثة نقلت أحدهما عن أبي الدرداء ، والأخرى عن أبي بن كعب ، ومن غير المعقول أن تتكرر حتى في نفس قول الرجل : (طعام اليتيم)! قال السيوطي : (وأخرج ابن مردودية عن أبي بن كعب انه كان يقرئ رجلا فارسيا فكان إذا قرأ إن (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثيمِ) قال : (طعام الأثيم) فمر به النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال قل له (طعام.