وكذلك قال الزرقاني في رد بعض التأويلات لمعنى الأحرف السبعة : (ثم إن الأوجه التي ذكرها واحدا واحدا ترجع كلها إلى نوع واحد من اختلاف اللهجات وكيفيات النطق وحدها ، فلا تشمل القراءات التي ترجع إلى اختلاف نفس الألفاظ بالإبدال أو التقديم والـتأخير أو النقص والزيادة ونحو ذلك. وفي هذا القصور ما فيه) (١).
فيتضح أن تأويل وتخريج اجتهادات السلف كانت السبب الرئيس في بيان معنى الأحرف السبعة ، ويا ليت أحدهم يخبرنا كيف عرفوا أن كل فلتات سلفهم الصالح! في نصوص القرآن واجتهاداتهم في تغيير كلماته قد وصلت إليهم بتمامها حتى فسروا عليها الأحرف السبعة وهي في نظرهم أمر إلهي جاء به الوحي؟! أهكذا يصبح الدين رخيصا؟!
ودعوى أن البعض منهم كان استقراؤه تاما دون غيره ينقصها الدليل فإنك قد لاحظت فيما نقلنا عنهم أن كل واحد منهم قد ادعى أنه تتبع جميع أوجه الخلاف في اللغات أو القراءات على حد سواء ، ثم اختلفت النتائج التي توصل إليها كل منهم عن الآخر. ولو كان الاستقراء تاما ـ على ما زعمه البعض ـ لما اختلفت النتائج التي توصلوا إليها من الناحية الجوهرية فضلا عن الناحية الشكلية. (٢)
وهل يصح أن يكون الاستقراء دليلا على كون كل نوع من الاختلاف
__________________
(١) مناهل العرفان للزرقانی ١ : ١٦٧، ط الحلبي الثالثة.
(٢) لغة القرآن الكريم : ٨٧ د. عبد الجليل عبد الرحيم ط. مكتبة الرسالة الحديثة.