ولو كانت هي السبعة كلها وهي موافقة للمصحف ، لكان المصحف قد كتب على سبع قراءات ، ولكان عثمان رضي الله عنه قد أبقى الاختلاف الذي كرهه ، وإنما جمع الناس على المصحف ليزول الاختلاف. (١)
قال ابن القيم الجوزية : ومن ذلك جمع عثمان رضي الله عنه الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة ، التي أطلق لهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم القراءة بها لما كان ذلك مصلحة (٣) ، فلما خاف الصحابة رضي الله عنهم على الأمة أن يختلفوا في القرآن ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم وأبعد من وقوع الاختلاف ، فعلوا ذلك ومنعوا الناس من القراءة بغيره (٣).
قال الكردي الخطاط في التاريخ القرآن : فخلاصة ما تقدم إن أبابكر أول من جمع القرآن بإشارة عمر رضي الله عنهما ، وكان جمعه بالأحرف السبعة
__________________
(١) الإبانة عن معاني القراءات لمكي بن أبي طالب القيسي : ٢ ـ ٤ تحقيق د. عبد الفتاح شلبي.
(٢) قول ابن القيم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أطلق لهم القراءة بها أمر صريح بحسب رواياتهم ، فيمكنك تغيير مفردات الآيات على مزاجك ، وكله قرآن منزل من عند الله عزوجل ، وتغافل ابن القيم أن الإطلاق والترخيص بالقراءة بها لا يعني الترخيص بحذفها وإلغائها من المصاحف ، فإن هذا النخريق والتحريق تحريف للقرآن ومحو لآثاره ، فمثلا من يقول إنك مخير بين القصر التمام في ظهر يوم عرفة لا يعني به جواز إلغاء القصر ومنع الناس من أدائها فيه فهذا تحريف لأحكام الله عزوجل ، والأمر واضح.
(٣) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية : ١٦.