فترك القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له ، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها ، حتى درست من الأمة معرفتها وتعفت آثارها ، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها لدثورها وعفو آثارها وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها من غير جحود منها بصحتها وصحة شيء منها ، ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح (!) دون ما عداها من الأحرف الستة الباقية. (١)
قال مكي بن أبي طالب القيسي: إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم وصحت روايتها عن الأئمة ، إما هو جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووافق اللفظ بها خط المصحف ـ إلى قوله ـ وإذ كان المصحف بلا اختلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن على لغة واحدة ، والقراءة التي يقرأ بها لا يخرج شيء منها عن خط المصحف ، فليست إذا هي السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن كلها.
__________________
(١) تفسير الطبري ١ : ٢٠ ـ ٢١، قال الكردي الخطاط : ٤٦ بعد نقله لكلام الطبري ما نصه : (ولقد أتينا بكلام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى ، لأنه من كبار الأئمة ، ولأن عصره كان قريبا من عصر ألصحابة والتابعين ، فإ،ه ولد سنة مئتين وأربع وعشرين وطاف الأقاليم في طلب العلم ، وسمع عن الثقات الأجلة ، وجمع من العلوم ما لم يشاركه أحد في عصره ، وله تصانيف عديدة ، حكي أنه مكث أربعين سنة فكتب في كل يوم منها أربعين ورقة ، توفي في شوال عام ثلاثمئة وعشرة وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا).