واليقين بذلك؟! حتما لا ، لأن اشتباه اثنين في تشخيص القرآن من غيره أمر محتمل جدا ، خاصة وأن الصحابة كتبوا في مصاحفهم الشيء الكثير مما ليس بقرآن بدعوى أنه قرآن منزل ، وسيأتي الكلام عن ذلك بإذنه تعالى ، بل يدعي علماء أهل السنة أن كثيرا من الصحابة بقوا يقرأون منسوخ التلاوة ـ بزعمهم ـ إلى ما بعد زمن عثمان بن عفان ، حتى أن مصحف حفصة وعائشة بقيت فيه زيادات إلى سنوات طوال بعد موتهما ، فوجد الصحيفة أو الحجر المكتوب عليه يقصر عن الغاية المراد تحصيلها وهي القطع واليقين بعملية الجمع.
هذا لو سلمنا بأن كل القرآن قد كتب على تلك الصحف والرقاع في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا مع تسليمنا بعدم فقدان شيء من تلك الصحف ، ومع تسليمنا بعدم نسيانهم لشيء منها ، وعدم تلف بعضها كأكل الداجن لها كما في قصة آيات عائشة الآتي ذكرها بإذنه تعالى ، وإلا فإن هذه الأمور تحتاج إلى أدلة تثبتها ، لأنها أمور محتملة الوقوع بل وقع بعضها ، كما في آيات خزيمة وداجن عائشة.
وعليه مازال إشكال كونهم أثبتوا الآيات القرآنية بأخبار الآحاد قائما على أصوله ، لم ينقض حتى لو تجاوزنا كل الإشكالات وسلمنا بكل الاعتراضات ، فكيف يعتمدون هذا النحو من الجمع الذي جاءت به روايات البخاري ، ومع ذلك لا يلتزمون بأن آيات القرآن ثبتت آحادا ، ولا أقل آيات خزيمة بن ثابت؟! (١)
__________________
(١) ومع كل هذا تجد بعض الوهابية يدعون أن مذهب أهل السنة هو الذي يثبت تواتر القرآن ،