ويتضح مما ذكرناه شهرة إنكار ابن مسعود لجمع عثمان واحراقه المصاحف ، والروايات صريحة في القدح في شخص زيد وأنه ليس بكفء لمثل هذا العمل.
وقد استدل ابن الأثير على حداثة سن زيد من طعن ابن مسعود فيه : وقد صح عن ابن مسعود أنه قال لما كتب زيد المصحف : لقد أسلمت وإنه في صلب رجل كافر. وهذا أيضا يدل على حداثة سنه عند وفاة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم. (١)
ولم يحتمل بعضهم ما نسبه ابن مسعود لزيد فقال أبوبكر الأنباري : وما بدا من عبدالله بن مسعود من نكير ذلك ، فشيء نتجه الغضب ولا يعمل به ولا يؤاخذ به ، ولا يشك في أنه ـ رضي الله عنه ـ قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم ، فالشايع الذائع المتسالم عند أهل الرواية والنقل : أن عبد الله بن مسعود تعلم بقية القرآن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم. وقد قال بعض الأئمة : مات عبد
__________________
وعثمان بعمله ألغى ستة أحرف وأبقى حرفا واحدا!، وقد وجدنا قولا لابن كثير في فضائل القرآن : ٣٨ فيه ما ذكرناه : (وهذا الذي استدل به أبو بكر رحمه الله على رجوع ابن مسعود رضي الله عنه فيه نظر ، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه ، والله أعلم).
(١) أسد الغابة ١ : ٨٠.