وقد يعتذر لعثمان بأنه أحرق ما قد أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقراءته من باب التوسعة والرخصة ، وها قد انقلبت الرخصة إلى نقمة فيكفي بقاء حرف واحد منها نرفع فيه النقمة.
وهذا غير مقبول لأسباب:
١ ـ الكلام فيه مغالطة لأن جواز الترك شيء وجواز الحذف الإعدام شيء آخر ، والكل يعلم أن المرخص بتركه لا يعني المرخص بحذفه وإلغائه من الدين ، فكتاب الله شأنه بيده عزوجل والتغيير فيه راجع له وحده ، ولا يصح تحريف كتاب الله اعتمادا على الظنون!
ولو أمكن حذف الشيء لأنه من باب التخيير لقمنا بحذف الكفارات المخيرة كما في كفارة إفطار العمد في شهر رمضان ، واقتصرنا على واحدة ، بدعوى أن الجميع رخصة ولا ملزم لأحد منها ، وواضح أن من يفعل هذا يرمى بتحريف أحكام الله عزوجل.
٢ ـ صريح القرآن لا يجوز لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تغيير شيء من شؤون التشريع من نفسه مستقلا عن الله عزوجل ، ولا أن يبدل حرفا واحدا من القرآن ، فكيف يصح هذا لغيره فيحذف ستة أمثال القرآن؟
قال تعالى: (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظيم) (١) وقال
__________________
(١) يونس:١٥.