كان مأمونا عليه من العدو فلا بأس ، وإن كان مخوفا عليه فلا ينبغي أن يسافر به إليهم ، وهذا أحسن الأقوال وعليه يحمل القول الأول منهم ، وما روي عن ابن عباس أنه قال : أخبرني أبوسفيان بن حرب من فيه إلى في : أن هو قل دعا لهم بكتاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقرأ فإذا فيه (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُم) (١) ، ليس بمعارض لنيهه صلى الله عليه [وآله] وسلم من المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ، لأن محمل النهي السفر بمجملة القرآن وما في كتابه صلى الله عليه [وآله] وسلم إنما هو بعضه ، فالجمع بينهما بإباحة السفر بلأجزاء التي فيها من القرآن بعضه وبالكراهة في السفر بكليته ؛لیهم عند خوفهم عليه (٢) ، فيكون معنى الحديث نهي الصحابة عن السفر بالمصحف كاملا إلى أرض العدو.
عن أبي أمامة الياهلي قال : لما كان في حجة الوداع قام رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو يومئذ مردف الفضل بن العباس على جمل آدم فقال : يا أيها الناس خذوا من العلم قبل أن يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم وقد كان أنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ
__________________
(١) أل عمران : ٦٤
(٢) معتصر المختصر ١ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧.