الصادرة عن كثير من علماء المسلمين وأئمتهم أكثر اتساقا مع طبائع الأمور والظروف من جهة أخرى. فالقرآن أعظم مظاهر النبوة ، ومعجزتها الخالدة ، وكان مدار الاحتجاج والدعوة مع العرب والكاتبين الذين كانت لهم كتبهم المتداولة في أيديهم المكتوبة على قراطيس وورق ومواد لينة تنشر وتطوى بسهولة ، وقد تكرر في القرآن كثيرا الإشارة إلى كتب الكاتبين من جهة وذكر (الكتاب) في القرآن بمعني (القرآن) من جهة أخرى. فلا يعقل في حال أن يهمل النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم تدوين ما كان ينزل عليه من الوحي القرآني ، وأن لا تكون عنايته بذلك فائقة ، وأن لا يحرص على تدوينه في وسائل لينة تطوى وتنشر كالصحف والقراطيس وورق الحرير ، ثم على حفظ مدوناته حرصا شديدا مرتبة منسقة ، بل والمعقول أن يكون ذلك من أمهات مشاغلة المستمرة.
وما روي من أن القرآن كان يكتب على الوسائل البدائية الثقيلة الحجم والصعبة الحفظ والنقل ، كأضلاع النخيل ، وقطع الخشب والحجارة ، وأكتاف العظام لا يصح أن يقبل على علاته بناء على ما تقدم بأن كان ورد في حديث يعد من الصحاح ، وكل ما يحتمل أن يكون أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم إذ يستدعي أحد كتابه لإملاء ما يكون نزل عليه من وحي على فور نزوله ـ وهو ما كان يفعله دائما على ما تفيده الأحاديث والقرائن القرآنية ـ أن لا يكون متيسرا إلا شيء من هذه الوسائل البدائية ، فيكتب الكاتب عليها
__________________
وآله وسلم.