أقول : الروايات في هذا المجال متفقة على معنى واحد وهو عرض الأمير عليه السلام مصحفه على القوم ورفضهم له لما فيه من مثالبهم وفضائحهم ، وبالجمع بين الأدلة يتضح أن تلك الفضائح كانت بذكر أسمائهم ولم تكن إلا من باب التفسير والتنزيل ، ومن جهة أخرى كان في القرآن ـ بالمعنى المجازي ـ من فضائل أهل البيت عليهم السلام الشيء الكثير لاختصاصهم عليهم الصلاة والسلام بكثير من الآيات القرآنية وكذا ذكر عدوهم وصفاتهم ، لذا روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا :
نزل القرآن على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع في فرائض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ، ولنا كرائم القرآن. (١)
ونعلم بذلك معنى ما روي عنهم عليه السلام مرسلا : لو قد قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين (٣) ، لأنه احتوى التنزيل. فالقرآن كما أنزل ـ أي بما يحتوي من التنزيل ـ كان كبير الحجم ، وهذه هي صفة المصحف الذي جاء به أمير المؤمنين عليه السلام لهم في روايات أهل السنة ، وحتما هذا القرآن بآياته وتنزيله لم يجمعه أحد غير أمير المؤمنين عليه السلام ومنه إلى بقية الأوصياء عليهم السلام ، لذا روي عنهم عليه السلام قولهم : ((ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء)) (٣) ،
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ : ١١٤ ، عن تفسير العياشي.
(٢) بحار الأنوار ٩٨ : ٥٥ ، ح ٢٤ نقلا عن تفسير العياشي.
(٣) بحار الأنوار ٩٨ : ٨٨ ، ح ٢٦.