والرزية التي منيت بها الطائفة على يد هؤلاء النفر ، وهم رضوان الله تعالى عليهم ما بين مسفه للرأي ومتحسف لهذا الخطب الجلل ، خاصة حينما طمَّ الأمر واتسع الخرق وزيد للنار حطب بتأليف المحدث النوري كتابه فصل الخطالب الذي لملم فيه شتات الأخبار والروايات التي أعرضت عنها الطائفة منذ أَلف سنة ، فحشى الكتاب بأي رواية وجد فيها أدنى إشارة على وقوع التحريف ولو بتكلفات بعيدة ، وعند ها قامت دنيا الشيعة ولم تقعد ، وثار المراجع والعلماء في وجه المؤلف ونُدد بالكتاب وطعن فيه ، بل هاجوا على المطبعة أيضا ، وكان حديث الساعة بين الأعلام ومحلا لاستنكارهم وسخطهم ، وهذه الرسالة شاهد تاريخي يحكي لنا حال الشيعة حينما علموا بصدور ذلك الكتاب والباطل الذي حواه :
قد أسلفنا تواجد الشيخ النوري نفسه في وحشة العزلة منذ أن سلك هذا الطريق الشائك ، إذ وجد من أقطاب الطائفة متفقة على خلاف رأيه ، وكم حاول العثور على رفقة من مشاهير العلماء ولكن من غير جدوى ، وقد أحسّ الرجل من أول يومه بشَنَعات ومَسبّات سوف تنهال عليه من كلّ صوب ومكان ، وبالفعل قد حصل! ووقع في الورطة التي كان يخافها.
يحدثنا السيد هبة الدين الشهرستاني ـ وهو شاب من طلبة الحوزة العلميّة بسامراء على عهد الإمام الشيرازي الكبير ـ عن ضجّةٍ ونعراتٍ ثارت حول الكتاب ومؤلّفه وناشره يومذاك ، يقول في رسالة بعثها تقريظاً على رسالة البرهان التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدّسة١٣٧٣ه. يقول فيها : كم أنت شاكر مولاك إذ أولاك بنعمة هذا التأليف المنيف ، لعصمة