اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسان) فجعل كل واحد منهما يشير إلى أنف صاحبه بإصبعه فقال أبي : والله أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وأنت تتبع الخبط. فقال عمر : فنعم إذن نتابع أبيا (١).
وكذا في رواية أخرى : ((لقد أنزلها الله على جبريل وأنزلها جبريل على محمد فلم يستأمرفيها الخطاب ولا ابنه!!)).
وموقف آخر له مع ابن الخطاب : عن أبي مجلز : أن أبيا قرأ (مِنَ الَّذينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيان) (٣). فقال عمر رضي الله عنه : كذبت ، فقال أبي : بل أنت أكذب ، فقال له رجل : أتكذب أمير المؤمنين؟ فقال : أنا أشد تعظيما لأمير المؤمنين منكم ، ولكني أكذبه في تصديق الله أصدقه في تكذيب كتاب الله فقال عمر : صدق (٣).
هذه المواقف دالة أن أبي بن كعب تحمل المتاعب في سبيل إثبات نصوص القرآن على ما هي عليه ، ووقف أمام التلاعب فيها ، وهذه المواقف تركز في نفوسنا المعنى الذي ذكرناه سابقا ، من أن دخول أبي بن كعب في الجامعين يلغي دور غيره ممن حضر الجمع لأنه سيد القراء وذو الحمية على كتاب الله ، وقد شاهد الصحابة صموده أمام شدة عمر في أكثر من مورد ، فرضي الله تعالى عنه.
__________________
(١) منتخب كنزل العمال ٢ : ٥٥ ، الدر المنثور ٣ : ٢٦٩.
(٢) المائدة : ١٠٧.
(٣) تاريخ المدينة : ٢ : ٧٠٩ ، وهي في الدر المنثور ٢ : ٣٤٤ عن عبد بن حميد وابن جرير وابن عدى.