وروى الربيع في الأم عن الشافعي قال: احتملت الآية معنيين : أحدهما أن تؤتى المرأة حيث شاء زوجها ؛ لأن (أنى) بمعنى أين شئتم، واحتملت أن يراد بالحرث موضع النبات والموضع الذي يراد به الولد هو الفرج دون ما سواه ، قال : فاختلف أصحابنا في ذلك وأحسب أن كلا من الفريقين تأول ما وصفت من احتمال الآية قال فطلبنا الدلالة فوجدنا حديثين أحدهما ثابت وهو حديث خزيمة بن ثابت في التحريم فقوى عنده التحريم.
وروى الحاكم في مناقب الشافعي من طريق ابن عبد الحكم أنه حكى عن الشافعي مناظرة جرت بينه وبين محمد بن الحسن في ذلك ، وأن ابن الحسن احتج عليه بأن الحرث إنما يكون في الفرج ، فقال له : فيكون ما سوى الفرج محرما فالتزمه؟ فقال : أرأيت لو وطأها بين ساقيها أو في أعكانها أفي ذلك حرث؟ قال: لا ، قال : أفيحرم؟ قال : لا، قال فكيف تحتج بما لا تقول به؟ قال الحاكم: لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم ، وأما في الجديد فصرح بالتحريم. انتهى. وقال : وذهب جماعة من أئمة الحديث كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي على النيسابوري إلى أنه لا يثبت فيه ـ أي تحريم الدبر ـ شيء.
قلت : لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم ـ أقول : هنا مصادرة صريحة ـ والأصل عدمه، فمن الأحاديث الصالحة الإسناد حديث خزيمة بن ثابت، أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة ، وصححه ابن حبان ، وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان أيضا، وحديث ابن عباس وقد تقدمت الإشارة إليه ، وأخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ