فلو سئل أهل الإسلام في بقاع الأرض عما إذا كان هذا المصحف الذي في بقاع الأرض عما إذا كان هذا المصحف الذي في بيوتنا اليوم قد اشتمل على كل كلمة وحرف نزل من السماء قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ولم تخف كلمة أو حرف عمن جمعه أو لم يتلاعب به أحد من بعدهم ، فلا يعد الجواب على هذا السؤال بديهاً لا يشك فيه ، وليس هو كبداهة سؤال المسلم لأخيه عما إذا كانت الصلاة واجبة في الإسلام ، ولذا عندما يتطرق علماء الشيعة وأهل السنة لإثبات صيانة القرآن من التحريف يعتمدون الدليل لإثبات مدعاهم كآية الحفظ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) ، فاستدلالهم هذا على عدم وقوع التحريف في القرآن يناقض كونه من بديهيات الدين التي لا يحتاج لإقامة الدليل.
قال في الفقه المقارن : والقول بعدم التحريف لم يثبت أنه دين بالضرورة ، وإلاّ لما احتاج إلى الاستدلال عليه بآية : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وما يحتاج إلى الاستدلال لا يكون من الضروريات (٣).
٢ ـ من قال بتحريف القرآن فإن قوله لا يؤول إلى إنكار الإلوهية أو الرسالة أو تكذيب النبي صلى الله عليه وآله سلم.
فقد مر سابقاً أن من قال بالتحريف لا يرى أن الله عزّ وجلّ تكفل بحفظ القرآن في مصاحف المسلمين؛ لأن الآيتين في نظره لا تدلان عليه فضلا عن قبوله الحجية ظاهريهما ، ولا يرى أن النبي صلى الله عليه وآله سلم قد أخبر
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) الأصول العامة للفقه المقارن : ١٠٩ للسيد محمد تقي الحكيم رحمه الله ط. دار الأندلس.