(مُنْذِرُونَ) بإضمار ذوو ، أو بجعلهم ذكرى لإمعانهم في التذكرة ، أو خبر محذوف والجملة اعتراضية. (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) فنهلك غير الظالمين ، أو قبل الإنذار.
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ)(٢١٣)
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) كما زعم المشركون أنه من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة.
(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) وما يصح لهم أن يتنزلوا به. (وَما يَسْتَطِيعُونَ) وما يقدرون.
(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ) لكلام الملائكة. (لَمَعْزُولُونَ) لأنه مشروط بمشاركة في صفاء الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصور الملكوتية ، ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة.
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) تهييج لازدياد الإخلاص ولطف لسائر المكلفين.
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ)(٢١٦)
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهم. روي أنه لما نزلت صعد الصفا وناداهم فخذا فخذا حتى اجتمعوا إليه فقال : «لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقيّ» قالوا نعم قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد».
(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لين جانبك لهم مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط ، و (مِنَ) للتبيين لأن من اتبع أعم ممن اتبع لدين أو غيره ، أو للتبعيض على أن المراد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) المشارفون للإيمان أو المصدقون باللسان.
(فَإِنْ عَصَوْكَ) ولم يتبعوك. (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) مما تعملونه أو من أعمالكم.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٢٢٠)
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) الّذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم. وقرأ نافع وابن عامر «فتوكل» على الإبدال من جواب الشرط.
(الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) إلى التهجد.
(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) وترددك في تصفح أحوال المجتهدينكما روي أنه عليهالسلام لما نسخ قيام فرض الليل طاف عليهالسلام تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع بها من دندنتهم بذكر الله وتلاوة القرآن. أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم ، وإنما وصفه الله تعالى بعلمه بحاله الّتي بها يستأهل ولايته بعد وصفه بأن من شأنه قهر أعدائه ونصر أوليائه تحقيقا للتوكل وتطمينا لقلبه عليه.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لما تقوله. (الْعَلِيمُ) بما تنويه.
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ