(وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) فنحن أولى بما تدعونه إن أمكن. (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) إما لأن العذاب لا يكون ، أو لأنه أكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب.
(قُلْ) ردا لحسبانهم. (إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ولذلك يختلف فيه الأشخاص المتماثلة في الخصائص والصفات ، ولو كان ذلك لكرامة وهوان يوجبانه لم يكن بمشيئته. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فيظنون أن كثرة الأموال والأولاد للشرف والكرامة وكثيرا ما يكون للاستدراج كما قال :
(وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ)(٣٨)
(وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) قربة والّتي إما لأن المراد وما جماعة أموالكم وأولادكم ، أو لأنها صفة محذوف كالتقوى والخصلة. وقرئ «بالذي» أي بالشيء الّذي يقربكم. (إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) استثناء من مفعول (تُقَرِّبُكُمْ) ، أي الأموال والأولاد لا تقرب أحدا إلا المؤمن الصالح الّذي ينفق ماله في سبيل الله ويعلم ولده الخير ويربيه على الصلاح ، أو من (أَمْوالُكُمْ) و (أَوْلادُكُمْ) على حذف المضاف. (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) أن يجازوا الضعف إلى عشر فما فوقه ، والإضافة إضافة المصدر إلى المفعول ، وقرئ بالإعمال على الأصل وعن يعقوب رفعهما على إبدال الضعف ، ونصب الجزاء على التمييز أو المصدر لفعله الّذي دل عليه لهم. (بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) من المكاره ، وقرئ بفتح الراء وسكونها ، وقرأ حمزة «في الغرفة» على إرادة الجنس.
(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا) بالرد والطعن فيها. (مُعاجِزِينَ) مسابقين لأنبيائنا أو ظانين أنهم يفوتوننا. (أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ).
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(٣٩)
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) يوسع عليه تارة ويضيق عليه أخرى ، فهذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير. (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) عوضا إما عاجلا أو آجلا. (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فإن غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ)(٤١)
ويوم نحشرهم جميعا المستكبرين والمستضعفين ثمّ نقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون تقريعا للمشركين وتبكيتا لهم وإقناطا لهم عما يتوقعون من شفاعتهم ، وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم ، ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله. وقرأ حفص ويعقوب بالياء فيهما.
(قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) أنت الّذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم ، كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ثم أضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم : (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. وقيل كانوا يتمثلون لهم ويخيلون إليهم أنهم