الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ)(٦٦)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) جعلها مذللة لكم معدة لمنافعكم. (وَالْفُلْكَ) عطف على (ما) أو على اسم (أَنَ) ، وقرئ بالرفع على الابتداء. (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) حال منها أو خبر. (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك. (إِلَّا بِإِذْنِهِ) إلا بمشيئته وذلك يوم القيامة ، وفيه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساوية لسائر الأجسام في الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط قبول غيرها. (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال وفتح عليهم أبواب المنافع ودفع عنهم أنواع المضار.
(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) بعد أن كنتم جمادا عناصر ونطفا. (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) إذا جاء أجلكم. (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) في الآخرة. (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) لجحود لنعم الله مع ظهورها.
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ)(٦٧)
(لِكُلِّ أُمَّةٍ) أهل دين. (جَعَلْنا مَنْسَكاً) متعبدا أو شريعة تعبدوا بها ، وقيل عيدا. (هُمْ ناسِكُوهُ) ينسكونه. (فَلا يُنازِعُنَّكَ) سائر أرباب الملل. (فِي الْأَمْرِ) في أمر الدين أو النسائك لأنهم بين جهال وأهل عناد ، أو لأن أمر دينك أظهر من أن يقبل النزاع ، وقيل المراد نهي الرسول صلىاللهعليهوسلم عن الالتفات إلى قولهم وتمكينهم من المناظرة المؤدية إلى نزاعهم ، فإنها إنما تنفع طالب الحق وهؤلاء أهل مراء ، أو عن منازعتهم كقولك : لا يضار بك زيد ، وهذا إنما يجوز في أفعال المغالبة للتلازم ، وقيل نزلت في كفار خزاعة قالوا للمسلمين : ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله ، وقرئ فلا ينزعنك على تهييج الرسول والمبالغة في تثبيته على دينه على أنه من نازعته فنزعته إذا غلبته. (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) إلى توحيده وعبادته. (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) طريق إلى الحق سوي.
(وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(٦٩)
(وَإِنْ جادَلُوكَ) وقد ظهر الحق ولزمت الحجة. (فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) من المجادلة الباطلة وغيرها فيجازيكم عليها ، وهو وعيد فيه رفق.
(اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين بالثواب والعقاب. (يَوْمَ الْقِيامَةِ) كما فصل في الدنيا بالحجج والآيات. (فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من أمر الدين.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)(٧١)
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) فلا يخفى عليه شيء. (إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) هو اللوح كتبه فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له. (إِنَّ ذلِكَ) إن الإحاطة به وإثباته في اللوح المحفوظ ، أو الحكم بينكم. (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) لأن علمه مقتضى ذاته المتعلق بكل المعلومات على سواء.