مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ)(٣٤)
(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) لعله ذكر بالواو لأن كلامهم لم يتصل بكلام الرسولصلىاللهعليهوسلم بخلاف قول قوم نوح حيث استؤنف به ، فعلى تقدير سؤال. (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) بلقاء ما فيها من الثواب والعقاب ، أو بمعادهم إلى الحياة الثانية بالبعث (وَأَتْرَفْناهُمْ) ونعمناهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بكثرة الأموال والأولاد. (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) في الصفة والحالة. (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) تقرير للمماثلة و «ما» خبرية والعائد إلى الثاني منصوب محذوف أو مجرور حذف مع الجار لدلالة ما قبله عليه.
(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ) فيما يأمركم به. (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) حيث أذللتم أنفسكم ، و (إِذاً) جزاء للشرط وجواب للذين قاولوهم من قومه.
(أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٣٦)
(أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً) مجردة عن اللحوم والأعصاب. (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) من الأجداث أو من العدم تارة أخرى إلى الوجود ، و (أَنَّكُمْ) تكرير للأول أكد به لما طال الفصل بينه وبين خبره ، أو أنكم لمخرجون مبتدأ خبره الظرف المقدم ، أو فاعل للفعل المقدر جوابا للشرط والجملة خبر الأول أي : أنكم إخراجكم إذا متم ، أو أنكم إذا متم وقع إخراجكم ويجوز أن يكون خبر الأول محذوفا لدلالة خبر الثاني عليه لا أن يكون الظرف لأن اسمه جثة. (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) بعد التصديق أو الصحة. (لِما تُوعَدُونَ) أو بعد ما توعدون ، واللام للبيان كما في (هَيْتَ لَكَ) كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل : فما له هذا الاستبعاد؟ قالوا (لِما تُوعَدُونَ). وقيل (هَيْهاتَ) بمعنى البعد ، وهو مبتدأ خبره (لِما تُوعَدُونَ) ، وقرئ بالفتح منونا للتنكير ، وبالضم منونا على أنه جمع هيهة وغير منون تشبيها بقبل وبالكسر على الوجهين ، وبالسكون على لفظ الوقف وبإبدال التاء هاء.
(إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ)(٣٨)
(إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) أصله إن الحياة (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) فأقيم الضمير مقام الأولى لدلالة الثانية عليها حذرا عن التكرير وإشعارا بأن تعينها مغن عن التصريح بها كقوله :
هي النّفس ما حمّلتها تتحمّل
ومعناه لا حياة إلا هذه الحياة لأن (إِنْ) نافية دخلت على (هِيَ) الّتي في معنى الحياة الدالة على الجنس فكانت مثل لا الّتي تنفي ما بعدها نفي الجنس. (نَمُوتُ وَنَحْيا) يموت بعضنا ويولد بعض. (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت.
(إِنْ هُوَ) ما هو. (إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فيما يدعيه من إرساله له وفيما يعدنا من البعث. (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدقين.
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٤١)
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) عليهم وانتقم لي منهم. (بِما كَذَّبُونِ) بسبب تكذيبهم إياي.