بمتعلّق للّذين أي هي حاصلة للّذين آمنوا في الحيوة الدنيا غير خالصة لهم ، خالصة لهم يوم القيمة ، قيل : ولم يقل ولغيرهم لينبّه على أنّها خلقت لهم بالأصالة ، وأنّ غيرهم تبع كقوله (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) وقرئ (١) خالصة بالرفع على أنها خبر بعد خبر.
(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ثم أكّد عدم حرمة الأشياء بحصر المحرّمات حقيقة أو إضافة بقوله (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) ما تفاحش قبحه أي تزايد ، وقيل هو ما يتعلّق بالفروج (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) ظاهرها وخفيّها ، قيل ما ظهر طواف الرجال عراة نهارا ، وما بطن طواف النساء كذلك ليلا ، وقيل الزنا سرّا وعلانية.
(وَالْإِثْمَ) أي ما يوجب الإثم عامّ لكلّ ذنب ، فعمم بعد التخصيص ، وقيل شرب الخمر ، وقيل الذنب الذي لا حدّ فيه عن الضحّاك (وَالْبَغْيَ) الظلم والكبر أفرده للمبالغة (بِغَيْرِ الْحَقِّ) متعلّق بالبغي مؤكّد له معنى.
(وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) أي برهانا وحجّة ، وإفراده كذلك للمبالغة وفيه تهكّم بالمشركين ، حيث أشركوا بالله ما يستحيل منه الإتيان ببرهان لو أمكن ، بل ما لا يقدر على شيء أصلا فكيف على إنزال البرهان ، وتنبيه على حرمة اتّباع ما لم يدلّ عليه برهان.
ويمكن أن يفهم منه وجوب اتّباع البرهان ، لأنّ ترك مقتضى البرهان اتّباع لما لم يدلّ عليه برهان ، فافهم.
(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بالإلحاد في صفاته ، والافتراء عليه ، وإسناد ما لم يصدر منه إليه ، ويقال منها أنّ الحكم في المسئلة كذا مع أنه ليس كذلك ، وأن الله يعلم كذا ولم يكن كذلك ، وقيل يدخل فيه الفتوى والقضاء بغير استحقاق ، ولا ريب في وجود محرمات غير المذكورات على بعض الأقوال ، فحينئذ «إنّما» على ذلك للتأكيد أو الحصر إضافيّ أو الآية مخصوصة بها ، فافهم.
__________________
(١) انظر المجمع ج ٢ ص ٤١٢.