الكشاف : أي ما خلقها إلّا لكم ولمصالحكم يا جنس الإنسان.
الدفء اسم ما يدفأ به فيتّقى البرد ، وهو اللّباس المعمول من صوف أو وبر أو شعر وكأنّه يشمل الفراء ، وقرئ دف (١) بطرح الهمزة وإلقاء حركتها على الفاء.
(وَمَنافِعُ) هي نسلها ودرّها وظهورها وغير ذلك ، قيل إنّما عبّر عنها بالمنافع ليتناول عوضها. (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ما يؤكل منها كاللحوم والشحوم والألبان وغيرها وتقديم الظرف المؤذن بالاختصاص ، لأنّ الأكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس في معايشهم ، والأكل من غيرها من الدجاج والبطّ وصيد البرّ والبحر ، فكغير المعتدّ به وكالجاري مجرى التفكه ، ويحتمل : إنّ طعمتكم منها ، لأنكم تحرثون بالبقر ، فالحبّ والثمار الّتي تأكلونها منها ، وتكتسبون باكراء الإبل ، وتبتغون نتاجها وألبانها وجلودها.
ويمكن أن يقال ذلك باعتبار إفادة «من» التبعيض ، أو لعدم حلّ أكلها لحرمة بعضها ممّا يحرم من الذبيحة ، أو لعدم جواز أكل الكلّ ، وقطع جنسها ، أو باعتبار بعض ذلك مع آخر ممّا يمكن اعتباره معه فيه ، والله أعلم. وظاهر القاضي قوّة أن يكون التقديم للمحافظة على رؤس الآي فقط فافهم.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) [النحل : ٨٠].
أي الله هو الذي جعل من جملة بيوتكم الّتي تسكنونها من الحجر والمدر والخيام والأخبية وغيرها سكنا ، والسكن فعل بمعنى مفعول ، وهو ما يسكن إليه وينقطع إليه من
__________________
(١) انظر روح المعاني ج ١٤ ص ٨٩ وص ٩٠ وفيه نقل قراءة دف بضم الفاء وشدها وتنوينها ودف بنقل الحركة والحذف بدون التشديد ودف بضم الفاء من غير همزة وهي محركة بحركتها ولم ينقل هذه القراءات ابن خالويه في شواذ القران وفي المقاييس ج ٢ ص ٢٨٧ الدال والفاء والهمزة أصل واحد يدل على خلاف البرد.