ويمكن أن يكون مراد القاضي بيان مدلول لفظ الناصر فلا مانع من لزوم نفي الشفيع بدليل آخر ، كما يمكن أن يكون مراد الكشاف بيان ما يستفاد ولو بإعانة دليل من خارج ، فتأمل فيه.
وأما ثبوت الشفاعة لأهل الكبائر وخروج آخرين بشفاعة أو بغيرها فالأخبار فيه من طريق الخاصّة والعامة أكثر من أن تحصى ، وها هي الآية الآتية صريحة في العفو عن مرتكب الكبيرة.
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) أوقع الفعل على المسمع وحذف المسموع لدلالة وصفه عليه ، وفي تنكير المنادي وإطلاقه أولا ثمّ تقييده بالايمان ثانيا تفخيما وتعظيما لشأنه وهو الرسول صلىاللهعليهوآله وقيل القرآن والدعاء والنداء ونحوهما يعدّى بالى واللام ، لتضمّنها معنى الاختصاص والانتهاء.
(أَنْ آمِنُوا) أي آمنوا أو بأن آمنوا. (بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا.)
لا يبعد أن يراد بالسيّئات الصغائر كما في قوله (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) فيخص الذنوب بالكبائر فيمكن كونه على سبيل التوبة وطلب مغفرة الذنوب بها وأن يلحقهم بذلك بمجتنب الكبائر في تكفير السيّئات وما قيل من أنّ المراد غفران الذنوب بلا توبة وتكفير السيئات إن تبنا ، أو اغفر لنا بالتوبة وكفّر عنا باجتناب الكبائر ، فلا يخفى ما فيه.
(وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم والأبرار جمع برّ أو بارّ كأرباب وأصحاب.
(رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ.)
أي على تصديق رسلك أو محمولا على رسلك أو منزلا عليهم أو على ألسنة رسلك والموعود هو الثواب والإفضال.
وهذا السؤال ليس خوفا من خلف الوعد ، كيف وهو محال عليه؟ بل مخافة