وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ) في معنى لأثيبنّهم.
(مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ.)
أى يختصّ به وبقدرته لا يثيبه غيره ، ولا يقدر عليه ، وفيه من الترغيب العظيم على المهاجرة في سبيل الله واحتمال الأذى والإخراج عن الدّيار والأهل ، والقتل والقتال في طاعة الله ما لا يخفى.
وكذا دلالتها على أنّ الذنوب يكفّرها العمل الصالح كقوله (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) ومثلها كثيرة ولا ينافيها (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) الآيتان فتأمّل. قيل : وفيها دلالة أيضا على أنّ العمل لا يقع شكرا بل عليه أجر وعوض تأمل فيه.
وفي الآيات تعليم من الله كيف يدعى وكيف يبتهل إليه ، ويتضرّع ، وإعلام بما يوجب حسن الإجابة وحسن الإثابة من احتمال المشاقّ في دين الله ، والصبر على صعوبة تكاليفه ، وقطع لأطماع الكسالى المتمنّين عليه ، وتسجيل على من لا يرى الثواب موصولا إليه بالعمل بالجهل والغباوة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على دينكم واثبتوا عليه (وَصابِرُوا) الكفّار (وَرابِطُوا) هم في سبيل الله عن الحسن وقتادة والضّحاك ، وقيل : فمعناه اصبروا على طاعة الله وعن معاصيه وقاتلوا العدوّ فاصبروا على قتالهم في الحق كما يصبرون على قتالكم في الباطل ، وأعدّوا لهم من الخيل ما يعدّونه لكم كقوله سبحانه (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) ويقرب منه ما روي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنّه قال : معناه اصبروا على المصائب ، وصابروا على عدوّكم ، ورابطوا عدوّكم.
وفي الكشاف : اصبروا على الدّين وتكاليفه ، وصابروا الكفّار أي وغالبوهم في الصبر على شدائد الحرب لا تكونوا أقلّ صبرا منهم وثباتا ، والمصابرة باب من الصبر ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تخصيصا لشدّته وصعوبته ، ورابطوا وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مترصّدين مستعدّين للغزو ، وقال الله تعالى (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ).