لذلك. وهؤلائ كلهم مخالفون للخليل وسيبويه أيضاً ، فإن سيبويه سأل الخليل عن نحو : «مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما» كيف ينطق بالتوكيد؟ فأجاله بأنه يرفع بتقدير : هما صاحباي أنفسهما ، وينصب بتقدير : أعنيهما أنفسهما ووافقها على ذلك جماعة ، واستدلوا بقول العرب :
٤٢٣ ـ إن محلاً وإن مرتحلاً |
|
[وإن في السَفْر إذ مضوا مهلا](١) |
و «إن مالا وإن ولداً» فحذفوا الخبر مع أنه مؤكد بـ «إنّ» ، وفيه نظر ; فإن المؤكد نسبة الخبر إلى الاسم ، لا نفس الخبر ، وقال الصفار : إنما فرّ الأخفش من حذف العائد في نحو : «الذي رأيته نفسه زيد» ; لأن المقتضي للحذف الطول ، ولهذا لايحذف في نحو : «الذي هو قائم زيد» فإذا فروا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما ; لأن المحذوف لدليل كالثابت.
الرابع : ألا يؤدى حذفه إلى اختصار المختصر ، (٢) فلا يحذف اسم الفعل دون معموله ; لأنه اختصار للفعل ، وأما قول سيبويه في «زيداً فاقتله» : إن التقدير : عليك زيداً ، فقالوا : إنما أراد تفسير المعنى لا الإعراب ، وإنما التقدير : ألزم زيداً.
الخامس : ألا يكون عاملا ضعيفاً ، فلا يحذف الجار والجازم والناصب للفعل ، إلا في مواضع قويت فيها الدلالة وكثر فيها استعمال تلك العوامل ، ولايجوز القياس عليها.
السادس : ألا يكون عوضاً عن شيء ، فلا تحذف «ما» في «أما أنت منطلقاً انطلقت» ولا كلمة «لا» من قولهم : «افعل هذا إمّالا» ولا التاءمن «عدة وإقامة
__________________
١ ـ تقدم برقم ٢٠٩.
٢ ـ قال المحقق الري رحمة الله : وأما الظرف والجار والمجرور : «أمامك ودونك زيداً» بنصب «زيد» كان في الأصل : أمامك وزيد ودونك زيد فخذه فقد أمكنك ، اختصر هذا الكلام الطويل؛ لغرض حصول الفراغ منه بالسرعة؛ ليبادر المأمور إلى الامتصال قبل أن يتباعد عنه زيد ... شرح الكافية : ٢ / ٦٨.