لم تكن لازمة للمتلازمين وجب انتفاء الملازمة بينهما.
وأمّا ثانيا : فلأنّكم ادعيتم أنّ قدم الجسم يستلزم كون القدم (١) ثبوتيا أو عدميا ثمّ أبطلتموهما ، وبيّنتم عليّة (٢) ابطال قدم الجسم ، والملزوم واللازم هنا عدميان والأمور العدمية إذا كانت متعلقة بالملازمة لم تكن الملازمة صفة ثبوتية ، لاستحالة أن يكون الوصف الثبوتي حاصلا للموصوف المعدوم ، فالملازمة ليست ثبوتية فهي عدمية.
ولا فرق بين ملازمة لا ثبوت لها وبين عدم الملازمة ، إذ لو تميز عدم الملازمة عن الملازمة العدمية لكان في العدم تميّز وتعيّن ، ولا معنى للوجود (٣) إلّا ما كان كذلك ، فلو وجد في العدم هذا المعنى لم يتميز العدم عن الوجود ، وهو محال فوجب نفي الملازمة.
الثاني : الملازمة عبارة عن امتناع تحقّق الملزوم إلّا عند تحقّق اللازم ، وهو غير معقول ؛ لأنّ الذي يحكم بتوقفه (٤) على تحقّق اللازم ليس هو ماهية الملزوم ؛ لأنّ الماهية إمّا بسيطة والبسيط لا تعرض له الإضافة ، لأنّ الإضافة لا تعقل إلّا بين أمرين ، فالواحد يستحيل عروض الإضافة له ، وإذا امتنع عروض الإضافة امتنع عروض الإمكان الذي هو نوع منها ، وإذا امتنع عروض الإمكان للبسيط امتنع توقفه على الغير ، لأنّ التوقّف على الغير ليس إلّا الحاجة والإمكان ، وإذا استحال توقف البسيط على الغير استحال توقف المركّب الذي لا معنى له إلّا مجموع أمور كلّ واحد منها بسيط ، على الغير. فتبين أنّ الماهية لا يمكن توقّفها على الغير سواء
__________________
(١) ق : «العدم».
(٢) «عليّة» ساقطة في ق.
(٣) نهاية العقول : «للموجود».
(٤) ق : «موقعه» ، وهو خطأ.