الدعوى الأولى : إثبات أنّ الأكوان مغايرة للجسم.
الدعوى الثانية : بيان حدوث الأكوان.
الدعوى الثالثة : بيان أنّ الأجسام لا تخلو عنها. وهذه الدعاوى الثلاث اشتملت الصغرى عليها.
وأمّا الدعوى الرابعة : فإنّ الكبرى عبارة عنها.
أمّا الدعوى الأولى : فنحن فيها بين أمرين :
إمّا أن ندعي العلم الضروري بأنّ هنا أكوانا هي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق. وبالجملة حصول الجسم على وجه لو كان في الوجود جسم غيره كان بالنسبة إليه ، إمّا مقابلا له ميامنا أو مياسرا أو غيره من وجوه الأين ، وهي زائدة على حقيقة الجسم. ومعلوم ضرورة أنّ الجسم مع تحيّزه لا ينفك عن هذه الحالة ، فإنّا نعلم بالضرورة زيادتها على مفهوم الجسم وذاته ؛ لأنّ المفهوم من ذات المتحيز مغاير للمفهوم من حصوله في الحيز.
أو ندعي الاستدلال فيه ؛ لأنّ الجسم تتبدل عليه الحركة بالسكون ، والاجتماع بالافتراق ، وبالعكس منهما. فإنّ الجسم لم يكن متحركا ثمّ صار متحركا ، ولم يكن مجامعا لغيره ثمّ يصير مجامعا ، فتبدل الحالتين عليه مع بقائه معلوم مدرك بالحس (١) ، والمتبدل مغاير للمستمر الذي هو ذات الجسم. ولأنّ المرجع بالأكوان إلى الحركة والسكون مثلا ، وهي أمور راجعة إلى الأين ، وهو نسبة الشيء إلى مكانه بالحصول فيه ، والنسب والإضافات مغايرة للماهيات المتأصلة في الوجود ، الحقيقة التي لا إضافة فيها. ولأنّها نسبة بين الجسم والمكان ، والنسبة مغايرة للمنتسبين.
__________________
(١) استفاد الرازي من تبدل الحالتين (الحركة والسكون) في إثبات كون السكون صفة موجودة. راجع المطالب العالية ٤ : ٢٨٨.