وأمّا الدعوى الثانية (١) : فلأنّ كلّ يصحّ عليه العدم ، وكلّ ما صحّ عليه العدم امتنع عليه القدم.
أمّا الصغرى : فلأنّ كلّ متحيّز اختص بحيّز فإمّا أن يكون اختصاصه بذلك الحيّز جائز أو واجبا ، فإن كان واجبا فذلك الوجوب إمّا أن يكون لنفس الجسمية أو لأمر عارض للجسمية أو لمعروض الجسمية أو لأمر غير عارض للجسمية ولا الجسمية عارضة له.
فإن كان لنفس الجسمية (٢) وجب اشتراك الأجسام كلّها في وجوب الحصول في ذلك الحيّز ؛ لاشتراكها ، بأسرها في الجسمية ووجوب اشتراك المتماثلات في جميع اللوازم.
وإن كان لأمر عارض للجسمية (٣) ، فذلك العارض إمّا أن يكون ممتنع الزوال أو ممكن الزوال. فإن كان ممتنع الزوال فإمّا أن يكون ذلك الامتناع لنفس الجسمية فيعود الإلزام المذكور ، أو لغيرها فيكون الكلام فيه كالكلام في الأصل الأوّل ، فيفضى إلى التسلسل ، أو إلى المحال المذكور. وإن كان ممكن الزوال فهو المقصود.
وأمّا إن كان لمعروض الجسمية (٤) فهو محال ؛ المعقول من الجسمية الامتداد في الجهات ، فلو كان ذلك حالّا في محلّ لكان ذلك المحل ، إمّا أن يكون له ذهاب في الجهات ، أو لا يكون. فإن كان الأوّل كان محل الجسمية جسما ، فجسمية ذات المحل إن اقتضت محلا آخر لزم التسلسل ، وإن لم يقتض محلا آخر
__________________
(١) راجع شرح الأصول الخمسة : ١١٠ (من الأدلة على حدوث الأكوان).
(٢) أي القسم الأوّل.
(٣) أي القسم الثاني.
(٤) وهو القسم الثالث.