منطقة والخط لكونه محورا لأجل تعين تلك الحركة».
قلنا : لا نزاع في ذلك ، ولكن لما ذا اختص الفلك المعيّن بالحركة المخصوصة؟
قوله : «لأنّ نظام العالم لا يحصل إلّا بالحركة على هذا الوجه».
قلنا : هذا باطل ، لأنّا نعلم بالضرورة أنّا لو قدّرنا حركة الكواكب هذه الحركة المخصوصة وعلى بطئه وسرعته ، لكن إلى ضدّ تلك الجهة فانّه لا يختل شيء من منافع العالم.
سلّمنا ، لكن يبطل أصل الدليل ، لأنّه إذا جاز لكم أن تزعموا أنّ الفلك اختار الحركة المخصوصة رعاية منه لنظام العالم ، فلم لا يجوز أن يقال : الباري تعالى إنّما اختار ايجاد العالم في الوقت المعيّن رعاية منه لنظام العالم ورعاية لمصلحة العالم؟ وبأيّ شيء يقدح في هذا أمكن أن يقدح به فيما ذكرتموه.
قوله : «الحركة من جهة إلى أخرى تضاد الحركة من الجهة الأخرى إلى الأولى ولا يلزم من كون الشيء قابلا لشيء كونه قابلا لضدّه».
قلنا : لا نزاع في مضادة هاتين الحركتين ، ولكن قد دللنا على أنّ كلّ عرض يصحّ أن يتصف به جسم يصحّ أن يتصف به كلّ جسم ، وإذا كان كذلك فالحركة من المشرق إلى المغرب حاصلة في الفلك الأوّل فيلزم أن يكون الفلك الثاني قابلا لها وبالعكس فيكون اختصاص كلّ واحد من الفلكين بإحدى الجهتين لا لمرجح ، وذلك يبطل كلامكم.
قوله : «حركات الأفلاك لأجل التشبه بالعقول فجاز أن يكون التشبه حاصلا بإحدى الحركتين دون الأخرى ، فلهذا اختار الفلك تلك الحركة على سائر الحركات».